حكم ما لو أنكر المقرّ له الملكية للشي:
قال: المحقق قدّس سرّه: «ولو أنكر المقرّ له حفظها الحاكم، لأنها خرجت عن ملك المقرّ و لم تدخل في ملك المقرّ له، ولو أقام المدّعى بينة قضى له»(1).
أقول: وحاصل ذلك سقوط يد المدّعى عليه المقر مطلقاً، أي، فلا تكون أمارة على الملك ولا تكون كاليد الأمانية مثلاً، فكأنها يد عدوانية فينتزعها الحاكم منه ويحفظها. وهذا أحد الوجوه الثلاثة التي ذكرها الشهيد الثاني في (المسالك) في هذه المسألة.
والثاني: وهو المنقول عن (التحرير): إنها تترك في يد المدّعى عليه المقرّ، إذ لا منازع له إلى قيام حجة، لأنه أقر للثالث وبطل إقراره فكأنه لم يقر(2).
قال في (الجواهر): وفيه: إن بطلانه بالنسبة إلى تملك المقرّ له، لا بالنسبة إلى نفيها عنه، كما هو واضح(3).
والثالث: وهو المنقول عن (القواعد)(4): إنها تسلّم إلى المدّعي، لخروجها عن ملك المقرّ له بإنكاره ولا منازع فيها للمدّعي.
قلت: وهذا هو الأقرب.
وأما قول صاحب (الجواهر): «وهو بعيد لكونها في يد». ففيه: إنه أيّ يد يريد، أما يد المقرّ فقد زالت بإقراره، وأما يد المقرّ له، فمنتفية بإنكاره، وأما يد الحاكم فهي لأجل حفظها حتى يظهر صاحبها وقد ظهر، فيدفعها إلى المدّعي ولا حاجة إلى البينة ولا اليمين، كما في (القواعد).
ولو رجع المقرّ له عن إنكاره وصدّق المقر في كون الشي له، فعن (التذكرة) أن له الأخذ، عملاً بإقرار المقر السالم عن إنكاره، لزوال حكمه بالتصديق الطارى، فتعارضا وبقي الإقرار سالماً عن المعارض(5).
لكن في (الجواهر) منع زوال حكم الإنكار بالتصديق، فلا أثر للتصديق الطارى، وحينئذ، يحكم بأحد الوجوه الثلاثة المذكورة، وقد عرفت المختار منها، قال: ومن هنا لو رجع ذو اليد فقال: غلطت بل هو لي، لم يقبل منه.
(1) شرائع الإسلام 4 : 112.
(2) تحرير الأحكام 5 : 161/6491 . وعنه كشف اللثام 10 : 242.
(3) جواهر الكلام 40 : 447.
(4) قواعد الأحكام 3 : 486.
(5) تذكرة الفقهاء 2 : 149 ( حجري ).