تعريف الشهادة لغة و شرعاً
«الشهادات» جمع شهادة، يقال: شهد يشهد شهادة، وهي في اللغة لمعان عديدة كالعلم، والحضور، والرؤية، والإعلام، والإخبار، والمعاينة.
واقتصر جماعة من اللغويين على الحضور، قالوا: ومنه قوله تعالى: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ)(1).
وقال ابن فارس: « (الشين والهاء والدال) أصل يدلّ على حضور وعلم وإعلام، لا يخرج شيء من فروعه عن الذي ذكرناه، من ذلك: الشهادة، يجمع الاصول التي ذكرناها من الحضور والعلم والإعلام»(2).
والمراد من الشهادة في كتاب الشهادات هو: الإعلام والإخبار، ويعتبر فيه الجزم واليقين، ويرادفه في الفارسية «گواهي» يقال: شهد بكذا، أي أخبر به، فتكون الشهادة في هذا الباب بمعنى الإخبار بما قد علم، سواء كان العلم حاصلاً باحدى الحواس الظاهرية، أو بغيرها.
فهذا الإعلام يتفرع على تحقق العلم وحصوله عن طريق الحضور، أو الرؤية ، أو غير ذلك، والشاهد يؤدي الأمر الحاصل عنده، ويبرزه، بلفظ: «أشهد…».
وفي خبر عن مولانا الرضا عليه السلام: إن الحضور شهادة، فقد «سئل عن رجل طهرت امرأته من حيضها، فقال: فلانة طالق وقوم يسمعون كلامه ولم يقل لهم: اشهدوا. أيقع الطلاق عليها؟ قال: نعم، هذه شهادة»(3).
فتحصل من ذلك: أن «الشهادة» أمر غير «أداء الشهادة» ولذا يقال: هل يجب على الشاهد الشهادة أو لا؟ وأن الشهادة قد تكون وليس بعدها أداء، وأنها تتحقق في الحق وغيره كالهلال، ومن غير الحاكم ومنه، وأن الرواية غير الشهادة.
فتعريفهم للشهادة شرعاً بأنها: «إخبار جازم عن حق لازم للغير واقع من غير حاكم»(4) لا يخلو عن نظر.
فالأولى: إيكال الأمر إلى العرف، ولا يبعد دعوى كون الشهادة عند أهل لعرف انشاءاً لا إخباراً وإن كان ظاهر اللفظ كذلك، نظير قول البائع «بعت»، بأن يكون قول القائل: «أشهد أن لا إلَه إلا الله» إنشاءاً، لا أنه يخبر عن ثبوت الوحدانية لله عزّوجلّ عنده. فتأمل.
وكيف كان، فقد يعتبر في الشهادة التعدد، بخلاف الإخبار والرواية.
فإن كان للشهادة منشأ كانت صادقة، وإلا فهي كاذبة.
قال المحقق قدّس سرّه: «والنظر في أطراف خمسة:
(1) سورة البقرة 2 : 185.
(2) معجم مقاييس اللغة 3 : 221.
(3) وسائل الشيعة 22 : 50/2 . أبواب مقدمات الطلاق ، الباب 21 ، وهو خبر صحيح ، ومثله في الباب المذكور خبران آخران ، وهي تدلّ على كفاية إسماع الصيغة.
(4) مسالك الأفهام 14 : 153 ، مستند الشيعة 18 : 9 . عن المسالك ، جواهر الكلام 41 : 7 ، قوانين الاصول : 464 .