المسألة الثانية
(حكم امتناع المشهود عليه من التسليم حتى يشهد القابض)
قال المحقق: «للمشهود عليه أن يمتنع من التسليم حتى يشهد القابض، ولو لم يكن عليه بالحق شاهد قيل: لا يلزم الإشهاد، ولو قيل: يلزم كان حسناً…»(1).
أقول: هذا لئلاّ يطالبه ذو الحق به مرّة أخرى، والدليل على هذا الحكم: قاعدة لا ضرر ولا ضرار، هذا إذا كان مع صاحب الحق ما يثبت حقّه، وأما مع عدمه وعلم المحكوم عليه بالحق فيما بينه وبين الله، فلا كلام في وجوب أداء الحق بالمطالبة، إذ ليس مع ذي الحق ما يخاف مراجعته به مرة أخرى، ولو قيل: يلزم الإشهاد كان حسناً، حسماً لمادّة المنازعة أو كراهةً لتوجّه اليمين.
هذا، ولكن في الحكم بجواز الامتناع من التسليم إلا مع الإشهاد نظر، لأن أداء حق الناس واجب، والمماطلة غير جايزة، غاية الأمر، إنه لو حدث نزاع بعد ذلك، ترافعا إلى الحاكم وارتفع بالموازين الشرعية، فمجرد احتمال حدوث النزاع مرة أخرى لا يجوّز تأخير أداء حق الناس، ففيما ذكروه تردّد، والله العالم.
(1) شرائع الإسلام 4 : 99 ـ 100.