8 ـ في اعتبار تسمية الفرعين الأصل وتعديلهما إياه وفيه صور
قال المحقق قدّس سرّه: «ثم الفرعان إن سمّيا الأصل وعدّلاه قبل، وإن سمّياه ولم يعدّلاه سمعها الحاكم وبحث عن الأصل، وحكم مع ثبوت ما يقتضي القبول، وطرح مع ثبوت ما يمنع القبول لو حضر وشهد، أما لو عدّلاه ولم يسمياه لم يقبل»(1).
أقول:
إن المفروض عدالة الفرعين، فتارة: يسميان الأصل، واخرى: لا يسميانه. فإن سمياه وشهدا بعدالته من حين التحمل منه إلى حين الأداء، فلا إشكال ولا خلاف في قبول شهادتهما بعدالته، كما تقبل شهادتهما على شهادته.
وإن سمياه وعدّلاه حين الأداء مع الشهادة بفسقه حين التحمل، فلا إشكال في عدم القبول… وكذا العكس…
وإن سمياه ولم يعدّلاه، سمعها الحاكم وبحث عنه، وحكم مع ثبوت ما يقتضي القبول، وطرح مع ثبوت ما يمنع لو حضر وشهد.
وإن سمياه وعدّلاه في حالتي التحمل والأداء، لكن شهدا بتخلّل فسقه بينهما، فقولان.
وإن سمياه وعدّلاه حين الأداء، لكن ثبت فسقه حال الشهادة ولم يعلم بقاؤه على الشهادة حال عدالته، فقال في (الجواهر) بطرح الحاكم الشهادة، قال: بل يقوى اعتبار تجديد التحمل(2).
ويرد عليه: أما نقضاً، فبما إذا شهد العدل وشهد الفرع بشهادته وشك في بقائه على الشهادة. وأما حلاًّ، فإنه مع الشك يستصحب بقاؤه على الشهادة ويحكم.
اللهم إلا أن يكون الوجه فيما ذكره: ما تفيده آية النبأ من النهي عن ترتيب أي أثر على خبر من جاء بالخبر في حال الفسق، بأن يكون الشهادة على خبره أثراً من آثاره.
هذا كلّه لو سمّياه.
ولو عدّلاه ولم يسمياه، بأن قالوا: نشهد على شهادة عدلين أو عدول، لم تقبل ، قال في (الجواهر) بلا خلاف أجده بيننا(3)، واستدلّ له الشهيد الثاني في (المسالك) بوجوه قائلاً:
«لأن الحاكم قد يعرفهم بالجرح لو سموا، ولأنهم قد يكونون عدولاً عند قوم وفسّاقاً عند آخرين لأن العدالة مبنية على الظاهر، ولأن ذلك يسد باب الجرح على الخصم».
هذا وفي (المسالك): إنه لا يشترط في شهادة الفرع تزكية شهود الأصل، بل له إطلاق الشهادة(4). وكذا في (الجواهر) حيث قال: ليس على شهود الفرع أن يشهدوا على صدق شهود الأصل ولا أن يعرفوا صدقهم، كما ليس عليهم تعديلهم.
وهل يشترط معرفة شهود الأصل بالعدالة؟
قال في (الجواهر) بالعدم، ثم نقل عن المفيد أنه قال: لا يجوز أن يشهد على شهادة غيره إلا أن يكون عدلاً عنده مرضياً. واعترضه صاحب (الجواهر) بقوله: لا أعرف له وجهاً، نعم، لا يجوز له ذلك إذا علم الكذب لأنه إعانة على الإثم(5).
قلت: بل الوجه لما ذكره المفيد هو آية النبأ بالتقريب الذي ذكرناه.
(1) شرائع الإسلام 4 : 140.
(2) جواهر الكلام 41 : 209.
(3) جواهر الكلام 41 : 209.
(4) مسالك الأفهام 14 : 285 286.
(5) جواهر الكلام 41 : 209.