المسألة الرابعة
(في ما لو أوصى بوصيتين منفردتين)
قال المحقق قدّس سرّه: «لو أوصى بوصيتين منفردتين، فشهد آخران إنه رجع عن احداهما، قال الشيخ: لا يقبل، لعدم التعيين، فهي كما لو شهدت بدار لزيد أو عمرو»(1)(2).
أقول: قال في (المسالك): وجه ما اختاره الشيخ من البطلان: إن الإبهام يمنع قبول الشهادة… ونسب الحكم إلى الشيخ مؤذناً بعدم ترجيحه.
ووراء قول الشيخ وجهان آخران:
أحدهما: القرعة لأنه أمر مشكل، والمستحق في نفس الأمر أحدهما، ونسبتهما إليه على السواء، وقد تعذر علمه بموت الموصي، وكلّ أمر مشكل فيه القرعة.
والثاني: القسمة بينهما، لأنه مال قد انحصر فيهما، ونسبتهما إليه على السواء فيقسم بينهما، ويجعل كأنه ردّ وصية كلّ واحد إلى نصفها، والقرعة لا يخلو من قوة(3).
ووافقه صاحب (الجواهر)(4).
قلت: إذا كان إطلاق دليل حجية البينة موجباً لحجية البيّنة المردّدة لزم قبول الشهادة بالرجوع.
أما التقسيم فلم يحتمله الشيخ، بل قال: «وعندنا يقرع بين الأولين»(5)وحينئذ، يرجع إلى القرعة لمعرفة أيهما المستحق إن قلنا بحجية البينة المرددة، ولمعرفة السابق من الوصيتين إن قلنا بعدم حجيتها.
وهنا احتمال آخر، وهو بطلان الوصيتين معاً، لأن القرعة يرجع إليها حيث يكون عدم الإقتران معلوماً، وأما مع الإقتران فكلاهما باطل.
هذا، ولو أجاز الورثة كلتا الوصيتين نفذتا معاً، كما هو واضح.
(1) المبسوط في فقه الإماميّة 8 : 253.
(2) شرائع الإسلام 4 : 146.
(3) مسالك الأفهام 14 : 319.
(4) جواهر الكلام 41 : 248.
(5) المبسوط في فقه الإماميّة 8 : 253.