ما يثبت به إتيان البهائم
قال المحقق: «وفي إتيان البهائم قولان، أصحّهما: ثبوته بشاهدين»(1).
أقول: قد نسب (الجواهر) مختار المحقق إلى الأشهر بل المشهور(2)، وفي (المسالك) إلى الأكثر(3).
واستدلّ للثاني: بالأصل، وكونه وطياً محرّماً في معنى الزنا، ومشتملاً على الهتك.
وللأوّل: بإطلاق ما دلّ على الثبوت بهما، لأن الشارع جعل ثبوت الأحكام في غير الزنا بشاهدين، قال تعالى (وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ)(4). وإتيان البهائم ليس بزنا ولا يوجب الحدّ، وبما ذكر ينقطع الأصل.
نعم، في الشبهة المصداقية ـ كما لو وطئ وشك في أن الموطوء حيوان أو إنسان ـ لم يجز التمسك بتلك العمومات، ولو شك فيه من حيث المفهوم، باحتمال كون وطئ البهيمة زنا، فإنه ليس في الآيات المذكورة التي اعتبر فيها الأربعة ذكر للزنا بل الفاحشة، وإتيان البهيمة فاحشة، لكن القدر المتيقن من مفهومها هو «الزنا» فيكون الآيات حجة فيه، ويخصص بها عمومات البينة، ويبقى غيره ومنه اتيان البهيمة تحت عمومات البيّنة، فيثبت بشاهدين.
وأما أن إتيان البهائم يشارك الزنا في الهتك فيلحقه حكمه، فقياس باطل.
(1) شرائع الإسلام 4 : 136.
(2) جواهر الكلام 41 : 155.
(3) مسالك الأفهام 14 : 247.
(4) سورة البقرة 2 : 282.