1 ـ لبس الحرير في حال الحرب:
وقد ادعى عليه الإجماع جماعة من الأصحاب، ويدلّ عليه قبله من النصوص.
1 ـ إسماعيل بن الفضل: «عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يصلح للرجل أن يلبس الحرير إلا في الحرب»(1).
2 ـ إبن بكير عن بعض أصحابنا: «عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يلبس الرجل الحرير والديباج إلا في الحرب»(2).
3 ـ سماعة بن مهران: «سألت أبا عبد الله عليه السلام عن لباس الحرير والديباج. فقال: أما في الحرب فلا بأس به، وإن كان فيه تماثيل»(3).
وهل المستثنى مطلق الحرب أو يختص بالحرب الواجبة، أو الجائزة؟
لا ريب في جواز اللبس في الحرب الواجبة، أما الجائزة فوجهان، العدم لعدم وجوب الحرب، فلماذا يقوم بالحرب مع عدم وجوبها، حتى يجوز له لبس الحرير. والجواز، لأنه مع جواز الحرب، يجوز له اللبس إذا اختار القيام بها، نظير السفر في شهر رمضان من جهة.
وأما المحرمة فلا، لأن دليل الجواز في الحرب منصرف ظاهراً عن الحرب المحرمة، فإذا حارب ولبس فقد ارتكب محرمين.
والمراد من حال الحرب، حال قيامها فعلاً، أو الكون في بعض مقدماتها القريبة منها، بحيث يصدق عرفاً كونه في حال الحرب.
ثم إنه ذكر في (الجواهر) وغيرها: أن المراد استثناء حال الحرب من حرمة اللبس وبطلان الصلاة معاً، كما هو ظاهر المتن أو صريحه، بل وغيره من كلمات الأصحاب(4)، وقد نص على الجواز السيد في (العروة) حيث قال: وحينئذ تجوز الصلاة فيه أيضاً(5).
والتحقيق أنه: إن كان عدم جواز الصلاة في الحرير مستنداً إلى النهي عن مطلق لبسه، ففي الحرب ينتفي النهي، فلا وجه لبطلانها فيه، وإن كان حكماً مستقلاً من جهة أنه مانع أو عدمه شرط فلا تصح وتظهر الثمرة فيما إذا أمكنه النزع وتبديل الثوب والظاهر هو الثاني، فيكون كلبس الذهب للرجال، فيحرم لبسه، وتبطل الصلاة فيه، كما سيأتي في المبحث الثاني. وبناءاً على عموم دليل استثناء حال الحرب للصلاة، تكون النسبة بينه وبين دليل: «لا تصل في الحرير» العموم من وجه، فيتعارضان في مورد الاجتماع، ويتساقطان، ويكون المرجع هو الأصل.
نعم، لو ورد نص يقول: لا تلبس الحرير ولاتصل فيه إلا في الحرب، تعيّن الأوّل.
(1) وسائل الشيعة 4 : 371/1 . أبواب لباس المصلّي ، الباب 12.
(2) وسائل الشيعة 4 : 372/2 . أبواب لباس المصلّي ، الباب 12.
(3) وسائل الشيعة 4 : 372/3 . أبواب لباس المصلّي ، الباب 12.
(4) جواهر الكلام 8 : 119 ، الوسيلة : 88 ، المعتبر 2 : 88.
(5) العروة الوثقى : 2/344.