في حكم الحداء
كما لا يبعد جواز الحداء ـ كدعاء، وهو صوت يرجّع فيه لسوق الإبل ـ وفاقاً لجماعة منهم المحقق حيث قال: «ولا بأس بالحداء»(1). بل هو المشهور بينهم كما عن (الكفاية)(2)، لعدم صدق الغناء عليه عرفاً كذلك.
وفي (المسالك): قد روي أنه صلّى الله عليه وآله وسلّم قال لعبد الله بن رواحة: «حرّك بالقوم، فاندفع يرتجز، وكان عبد الله بن رواحة جيّد الحداء وكان مع الرجال، وكان أنجشة مع النساء، فلما سمعه أنجشة تبعه، فقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لأنجشه: رويدك، رفقاً بالقوارير. يعني النساء»(3).
وقد خدش فيه الشيخ سنداً ودلالة(4).
هذا، ولو شك في اندراج صوت تحت موضوع الغناء، فإن الأصل يقتضي إباحته، وكذا لو كانت الشبهة مفهومية للشك في مفهوم الغناء، لأن الاحتياط يكون واجباً إن كان المفهوم مجملاً مردداً بين أفراد تكون نسبته إلى الجميع على السواء، كما لو فرض ورود النهي عن التكتف في الصلاة، وتردد مفهوم التكتف بين وضع اليدين احداهما على الاخرى مطلقاً أو وضعهما كذلك على الصدر. أما إذا كان القدر المتيقن من المفهوم هو خصوص الحالة الثانية ، فلا يجب الإحتياط بترك الاولى، وما نحن فيه من هذا القبيل، فإن حكم بعض الأطراف معلوم، إذ قد عرفت القدر المتيقن في ماهيّة الغناء، فإذا شك في حرمة الزائد جرت أصالة البراءة.
(1) شرائع الإسلام 4 : 128.
(2) كفاية الأحكام 2 : 750 ، مستند الشيعة 18 : 201 ، وعنه في المكاسب 1 : 118.
(3) مسالك الأفهام 14 : 181.
(4) كتاب المكاسب 1 : 118 . أقول : وقال المحدّث البحراني ( الحدائق الناضرة 18 : 116 ) : لم أقف في الأخبار له ـ أي لاستثناء الحداء ـ على دليل ، وتوقف في الجواهر في استثنائه ، لكن السيد الاستاذ يرى كون الحداء قسيماً للغناء بشهادة العرف ، فيكون خارجاً موضوعاً ، قال في الجواهر : ولا بأس به.