عدم انحصار القادح فيما ذكره المحقق
قال في (الجواهر): ثم لا يخفى عليك أن المصنف وغيره ممن تعرّض لذكر بعض ما يقدح في العدالة، ليس غرضه حصر ذلك فيما ذكره، لمعلومية حرمة أمور كثيرة لم يذكروها، كمعلومية كونها من الكبائر، بل قد ذكر في كتب الاخلاق أمور كثيرة تقتضي القدح في العدالة لم تذكر في كتب الأصحاب، مع أن فيها روايات كثيرة مشتملة على المبالغة في نفي الإيمان معها، وقد ذكر الأردبيلي(1) جملة منها ومن أخبارها(2)…
أقول: إن الامور القادحة في العدالة من الكثرة بحيث إذا جمعت مع أخبارها كانت كتاباً ضخماً، إلا أن من الامور التي ذكرها المحقق الأردبيلي رحمه الله ماليس بحرام في نفسه مالم يقترن بفسق أو يؤدي إليه، فلا ترتفع به العدالة ولا تردّ الشهادة كعدّه «حبّ الرئاسة» منها، فإنه من الصفات القلبية، وليس من المحرمات في نفسها، إلا إذا ترتب عليه شيء منها في الخارج، فيقدح في العدالة، نعم، من العسير جدّاً وجوده في القلب وجوداً مجرّداً عن ترتب شيء من المحرمات، ومن هنا ورد الذم الشديد عليه، كالطمع والبخل والحسد وما شابه ذلك، وجاء الأمر بمعالجة ذلك كما ذكر في كتب الأخلاق ، قال الله تعالى (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى)(3).
وعلى الجملة، فكلّ ما دخل من الصفات الرذيلة تحت الإختيار حدوثاً أو بقاء توجه نحوه الأمر والنهي، فإن خالف زالت عدالته و ردّت شهادته، ومالم يكن كذلك لم يكن وجوده أو استمراره مخلاًّ بالعدالة، وهذه هي القاعدة الكلية في المقام.
(1) مجمع الفائدة والبرهان 12 : 315 320.
(2) جواهر الكلام 41 : 57.
(3) سورة النازعات 79 : 40 41.