حكم ما لو تحمل و هو مبصر ثم عمي
قال المحقق: «ولو تحمّل شهادة وهو مبصر ثم عمي، فإن عرف نسب المشهود به أقام الشهادة، وإن شهد على العين وعرف الصوت يقيناً جاز أيضاً»(1).
أقول: إذا تحمل شهادة يحتاج إلى البصر وهو بصير ثم عمي، فإن تحمّلها على رجل معروف النسب والاسم لرجل معروف النسب والاسم، فله أن يشهد بعد ما عمي، لحصول العلم بالمشهود له والمشهود عليه، بلا خلاف ولا إشكال كما في (الجواهر)(2).
وإن شهد على العين وعرف الصوت يقيناً، جاز أيضاً بناءاً على المختار في الفرع المتقدم. قال في (الجواهر): وكذا لو عرفه بغير الصوت على وجه اليقين. نعم، في الاجتزاء هنا له بتعريف العدلين إشكال، أقواه العدم، لما عرفته في نظيره(3).
قال المحقق: «أما شهادته على المقبوض فماضية قطعاً»(4).
أقول: قال في (المسالك): هذه الصورة ممّا استثناه القائلون بالمنع من قبول شهادته، وسمّوها الضبطة، وهي أن يضع رجل فمه على أذن الأعمى ويد الأعمى على رأسه، بحيث يتيقن أنه يسمع منه، فيقرّ بطلاق أو عتق أو حق لرجل معروف الاسم والنسب، ويقبضه الأعمى، ولا يزال يضبطه حتى يشهد بما سمع منه عند الحاكم، فتقبل شهادته على القولين، لحصول العلم بالمشهود له وعليه.
وربما قيل: باطّراد المنع هنا، لأن التصوير المذكور فيه عسر وتدقيق، واللاّئق حسم الباب، كما أنا لا نقبل شهادة الفاسق على الإطلاق، وإن كان قد يغلب على ظننا صدقه في بعض الموارد.
ويضعّف: بانتفاء المانع في هذه الصورة قطعاً، مع وجود المقتضي للقبول، ودقة الفرض لا تدفع الحكم، وتشبيهه بالفاسق الذي يغلب على الظن صدقه فاسد، لوجود الفارق وهو أن الفاسق، منهي عن الركون إلى قوله مطلقاً لا باعتبار ظن صدقه وعدمه، بل من حيث كونه فاسقاً، بخلاف الأعمى، فإن المانع من قبول شهادته عدم علمه بالمشهود عليه وله، لا من حيث هو أعمى ، فإذا فرض العلم قبل(5).
قال المحقق: «وتقبل شهادته إذا ترجم للحاكم عبارة حاضر عنده»(6).
أقول: قال في (الجواهر): بلا إشكال ولا خلاف، لانتفاء المانع عن القبول حينئذ، إذ الحاكم يعرف المشهود عليه وله، وإنما يشتبه عليه معنى اللّفظ، ولا تتوقف شهادة الأعمى على ترجمة العبارة على البصر(7).
(1) شرائع الإسلام 4 : 135.
(2) جواهر الكلام 41 : 153.
(3) جواهر الكلام 41 : 153.
(4) شرائع الإسلام 4 : 135.
(5) مسالك الأفهام 14 : 243 244.
(6) شرائع الإسلام 4 : 135.
(7) جواهر الكلام 41 : 153 ـ 154 . بتفاوت يسير.