3 ـ حكم السباق بالحمام
وأما حكم السباق بالحمام، فقال: «والرهان عليها قمار».
أقول: إن الأصل في كتاب السبق والرماية هو قوله عليه السلام: «لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر»(1)(2).
وقد اختلفت الرواية في لفظ «سبق»، فبناء على أنه بفتح الباء ـ وهو بمعنى العوض المعين لمن غلب ـ يدل الخبر على حرمة الرهان في غير الثلاثة، فتجوز المسابقة مع الرهان فيها ولا تجوز فيما خرج عنها، لكن لا نهي عن «السبق»بسكون الباء بلا رهان، وعليه، فيجوز ذلك في الحمام، وبناء على أنه بسكون الباء يدل على المنع في غير ما ذكر، وإن كان بلا رهان.
وأما بناء على عدم ثبوت رواية الفتح، واحتمال كلا الأمرين معاً، لم يثبت دليل على المنع من المسابقة بلا رهان في ما عدا الثلاثة، وكان المرجع فيه الأصل.
والمتيقن من الخبر هو الدلالة على حرمة «السبق» بفتحها في غير الثلاثة، وهو المجمع عليه بين الأصحاب، وتدل عليه غيره من الأخبار، فإن هذا الرهان قمار.
لكن في خبر العلاء بن سيابة استثناء الحمام كالثلاثة، وهو الخبر الثالث من الأخبار المذكورة.
وقد أُجيب عنه باحتمال إرادة «الخيل» من «الحمام» كما هو لغة أهل مكة. لكن يضعّفه أنه لا يعبر عن المسابقة بالخيل بـ «اللعب» وإن كان فمجاز… مع أن لفظ «الريش» في الذيل يؤيد كون الحمام في الصدر هو «الطير»، ومن حمله على «الخيل» قال بأن المراد منه هو «النصل» وهو خلاف الظاهر. إلا أن سند هذا الخبر غير معتبر، ولا جابر له، وهذا هو الجواب الصحيح.
فتلخص: عدم النهي عن السبق بلا رهان، وعدم الجواز معه، لخبر الحصر في الثلاثة، المعمول به لدى الأصحاب.
(1) وسائل الشيعة 1 : 493/2 . أبواب أحكام الدواب ، الباب 17.
(2) أقول : في هذا الخبر سنداً ودلالةً ومتناً خلاف وبحث بين الأصحاب ، راجع من كتبهم : المسالك 6 : 69 ـ 70 والكفاية 1 : 716 718 والرياض 10 : 234 و238 239.