المسألة العاشرة
(في قبول شهادة أصحاب الصنائع المكروهة)
قال المحقق قدّس سرّه: «لا ترد شهادة أحد من أرباب الصنائع المكروهة، كالصياغة وبيع الرقيق، ولا من أرباب الصنائع الدنية، الحياكة والحجامة، ولو بلغت في الدناءة، كالزبال والوقاد. لأن الوثوق بشهادته مستند إلى تقواه»(1).
أقول: إذا كان للشاهد تقوى توجب الوثوق بشهادته، فلا ينظر إلى حرفته وصنعته، حتى ولو كانت من الصنائع المكروهة شرعاً، كالصياغة، وبيع الأكفان، وبيع الرقيق، ونحوها، أو الصنائع الدنية عرفاً، كالحجامة والحياكة، بل حتى لو كانت في غاية الدناءة، كالزبال والوقاد، لوضوح عدم منافاة هذه الصنائع للتقوى التي هي الملاك في قبول الشهادة والوثوق بها.
والمسألة لا خلاف فيها بين الأصحاب، بل لم يكن حاجة إلى التعرض لها، وإنما الغرض من ذلك التنبيه على خلاف بعض العامة، ولا ريب في بطلان ما ذهبوا إليه، لإطلاقات أدلة قبول شهادة العدل، بل إن هذه الصنائع واجبة بالوجوب الكفائي، حفظاً للنظام، فضلاً عن عدم منافاتها للمروة.
وتوهم أن من يقوم بهذه الصنائع يعرض نفسه لإزراء الناس ويحقر نفسه في المجتمع، ومن كان كذلك هان عليه تضييع الحقوق والأحكام الإلهيّة واضح الإندفاع، على أن القيام ببعض المندوبات بل الواجبات قد يوجب إزراء الناس.
(1) شرائع الإسلام 4 : 129.