المسألة السادسة
(في حرمة استعمال آلات اللهو)
قال المحقق قدّس سرّه: «العود والصنج وغير ذلك من آلات اللهو حرام يفسق فاعله ومستمعه، ويكره الدف في الأملاك والختان خاصة»(1).
أقول: أما حرمة العود والصنج وغير ذلك من آلات اللهو، فلا خلاف فيها، بل الإجماع بقسميه عليها كما في (الجواهر)(2).
ويدلّ على الحرمة قبل ذلك طائفة كبيرة من الأخبار الناهية(3) عن فعل ذلك بجميع أشكاله بالألسنة المختلفة:
1 ـ إسحاق بن جرير: «سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن شيطاناً يقال له القفندر، إذا ضرب في منزل الرجل أربعين صباحاً بالبربط ودخل الرجال، وضع ذلك الشيطان كلّ عضو منه على مثله من صاحب البيت ثم نفخ فيه نفخة، فلا يغار بعدها، حتى تؤتى نساؤه فلا يغار»(4).
دلّ على حرمة الضرب بـ «البربط»(5)… فإذا فعل ذلك أربعين صباحاً ترتب الأثر الوضعي المذكور نتيجة استحواذ الشيطان المسمى بـ «القفندر» على جميع أعضاء الرجل، كما ذكر في الخبر.
وجاء في خبر آخر ترتب أثر آخر على ذلك وهو: «نزع الحياء من الرجل، فلم يبال ما قال ولا ما قيل فيه» وهذا نصه:
2 ـ أبو داود المسترق قال: «من ضرب في بيته بربط أربعين يوماً سلّط الله عليهم شيطاناً يقال له: القفندر، فلا يبقى عضو من أعضائه إلا قعد عليه، فإذا كان كذلك نزع منه الحياء ولم يبال ما قال ولا ما قيل فيه»(6).
3 ـ كليب الصيداوي: «سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: ضرب العيدان ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الخضرة»(7).
وهذا أثر آخر من آثار هذه المعصية.
4 ـ موسى بن حبيب: «عن علي بن الحسينغ قال: لا يقدّس الله اُمة فيها بربط يقعقع وناية تفجع»(8).
فيمكن أن يكون المراد اتخاذ الاُمة ذلك بمعنى شيوعه فيهم وكونه شعاراً لهم، وأن يكون المراد وجود البربط فيها ولو في بعض الدور أو بين طائفة من الاُمّة.
5 ـ سماعة: «قال أبو عبد الله عليه السلام: لما مات آدم شمت به إبليس وقابيل فاجتمعا في الأرض، فجعل إبليس وقابيل المعازف والملاهي شماتة بآدم عليه السلام، فكلّ ما كان في الأرض من هذا الضرب الذي يتلذذ به الناس، فإنما هو من ذلك»(9).
أي: إن جعل المعازف واللعب بالملاهي شماتة بآدم عليه السلام حسب السنة السيئة التي جعلها إبليس وقابيل.
6 ـ السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام «قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: أنهاكم عن الزفن والمزمار وعن الكوبات والكبرات»(10)(11).
7 ـ عمران الزعفراني: «عن أبي عبد الله عليه السلام قال: من أنعم الله عليه بنعمة فجاء عند تلك النعمة بمزمار فقد كفرها(12). الحديث».
8 ـ حماد بن عمرو وأنس بن محمد عن أبيه: «عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلام في وصية النبي لعلي قال: يا علي، ثلاثة يقسين القلب: استماع اللهو، وطلب الصيد، وإتيان باب السلطان»(13).
9 ـ أحمد بن عامر الطائي عن الرضا عليه السلام في حديث الشامي: إنه «سأل أمير المؤمنين عليه السلام عن معنى هدير الحمام الراعية ـ عبّية ـ(14) قال: تدعو على أهل المعازف والمزامير والعيدان»(15).
10 ـ الطوسي في مجالسه «عن علي بن موسى عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: كلّ ما ألهى عن ذكر الله فهو من الميسر»(16). يعني: الذي جاء في الآية الكريمة: (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ)(17).
11 ـ الصدوق في خصاله: عن السياري رفعه «عن أبي عبد الله عليه السلام، إنه سئل عن السفلة فقال: من يشرب الخمر ويضرب بالطنبور»(18).
12 ـ ورّام في كتابه: «قال عليه السلام: لا تدخل الملائكة بيتاً فيه خمر أو دف أو طنبور أو نرد، ولا يستجاب دعاؤهم وترفع عنهم البركة»(19).
(1) شرائع الإسلام 4 : 128.
(2) جواهر الكلام 41 : 51.
(3) انظر الباب 100 من أبواب ما يكتسب به من وسائل الشيعة 17/213.
لكن بعض هذه الأخبار غير صريح في التحريم، وذلك غير ضائر كضعف بعضها سنداً ، لتعاضد بعضها ببعض، مع وجود ما هو صريح، بالإضافة إلى الإجماعات المحكية.
(4) وسائل الشيعة 17 : 312/1 . أبواب ما يكتسب به ، الباب 100.
(5) البربط كجعفر : من ملاهي العجم والعرب تسميه المزهر والعود . كذا في المصباح المنير .
(6) وسائل الشيعة 17 : 313/2 . أبواب ما يكتسب به ، الباب 100.
(7) وسائل الشيعة 17 : 313/3 . أبواب ما يكتسب به ، الباب 100.
(8) وسائل الشيعة 17 : 313/4 . أبواب ما يكتسب به ، الباب 100.
(9) وسائل الشيعة 17 : 314/5 . أبواب ما يكتسب به ، الباب 100.
(10) وسائل الشيعة 17 : 314/6 . أبواب ما يكتسب به ، الباب 100.
(11) الزفن: الرقص وأصله: اللعب والدفع. والمزمار من آلات اللهو معروف. والكوبات: جمع الكوبة وهو الطبل كما في خبر نوف عن أمير المؤمنين عليه السلام. الوسائل 17/315 وفي المصباح: الطبل الصغير المخصر.
وعن بعض اللغويين: النرد في كلام أهل اليمن. وفي النهاية: النرد، وقيل: الطبل: وقيل: البربط. وفي المصباح : الكبر بفتحتين: الطبل له وجه واحد.
وفي النهاية: الطبل ذو الرأسين وقيل: الطبل الذي له وجه واحد. ولم أجد « الكبرات » جمعاً له.
(12) وسائل الشيعة 17 : 127/5 . أبواب ما يكتسب به ، الباب 17.
(13) وسائل الشيعة 17 : 314/8 . أبواب ما يكتسب به ، الباب 100.
(14) كذا في الوسائل، والظاهر أن الصحيح « الراعبية » وهي التي يستحب اتخاذها في البيوت، ففي خبر السكوني: « اتخذوا الحمام الراعبية في بيوتكم فإنها تلعن قتلة الحسين بن علي صلوات الله عليهما ». وهديرها. سجعها. يقال: هدر الحمام يهدر أي سجع.
(15) وسائل الشيعة 17 : 314/10 . أبواب ما يكتسب به ، الباب 100.
(16) وسائل الشيعة 17 : 314/15 . أبواب ما يكتسب به ، الباب 100.
(17) سورة المائدة 5 : 90.
(18) وسائل الشيعة 17 : 314/11 . أبواب ما يكتسب به ، الباب 100.
(19) وسائل الشيعة 17 : 315/13 . أبواب ما يكتسب به ، الباب 100.