المسألة السادسة
(في بعض أحكام شهادة الزور)
قال المحقق: «إذا ثبت أنهم شهدوا بالزور نقض الحكم واستعيد المال، فإن تعذر غرم الشهود، ولو كان قتلاً ثبت عليهم القصاص وكان حكمهم حكم الشهود إذا أقرّوا بالعمد. ولو باشر الولي القصاص واعترف بالتزوير لم يضمن الشهود، وكان القصاص على الولي»(1).
أقول: إذا ثبت عند الحاكم أن الشهود الذين حكم بشهادتهم قد شهدوا بالزور، نقض الحكم، لانكشاف اختلاف ميزان الحكم، بل هو أولى بالنقض من تبين فسق الشهود. وحينئذ، فإن كان مورد الحكم مالاً استعيد إلى المشهود عليه، فإن تعذر إعادته إليه، غرم الشهود، لأنهم هم السبب في تلفه على مالكه(2)، ويدلّ عليه مع ذلك نصوص منها:
1 ـ جميل عن أبي عبد الله عليه السلام: «في شاهد الزور قال: إن كان الشيء قائماً بعينه ردّ على صاحبه، وإن لم يكن قائماً ضمن بقدر ما أتلف من مال الرجل»(3).
2 ـ محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام: «في شاهد الزور ماتوبته؟ قال: يؤدّي من المال الذي شهد عليه بقدر ما ذهب من ماله…»(4).
وإن كان مورد الحكم قتلاً، فقتل المشهود عليه، ثبت القصاص على الشهود ـ إن كان المباشر لا يعلم بكونها شهادة زور. وذلك لأن حكم الشهود في هذه الحال حكمهم إذا رجعوا وأقرّوا بالعمد، الذي قد عرفت ثبوت القصاص عليهم فيه دون المباشر.
وأما لو باشر الولي القصاص، ثم اعترف بكون الشهادة التي أقامها شهادة زور ، لم يضمن الشهود وكان القصاص على الولي خاصة، لكونه هو السبب في القتل، ومن هنا أيضاً يكون عليه الدية لو باشر القصاص واعترف بالخطأ.
ولو رجع مع الشهود، فهل عليه القصاص فقط كذلك أو يكون معهم كالشريك فيقتص منهم جميعاً؟ وجهان: من أنه المباشر وهم معه كالممسك مع القاتل، ومن أنهم متعاونون معه على القتل وليسوا كالممسك مع القاتل، فإنهم قد صوّروه بصورة المحقّين، فعليهم جميعاً القصاص أو الدية منصّفة بالحساب.
والأجود هو الأول، تبعاً لصاحبي (المسالك) و (الجواهر).
(1) شرائع الإسلام 4 : 143.
(2) أقول : لكن هذا لا ينفي ضمان المحكوم له العالم بالحال ، فهو ضامن أيضاً كالشهود ، وللمشهود عليه الرجوع إلى أي الطرفين شاء.
(3) وسائل الشيعة 27 : 327/2 . كتاب الشهادات ، الباب 11.
(4) وسائل الشيعة 27 : 327/1 . كتاب الشهادات ، الباب 11.