المسألة الخامسة
( لو كان له بيّنة فأعرض عنها فهل له الرجوع ؟ )
قال المحقق: « لو كان بيّنة فأعرض عنها والتمس يمين المنكر أو قال : أسقطت البينة وقبلت اليمين ، فهل له الرجوع ؟ قيل: لا. وفيه تردّد، ولعلّ الأقرب الجواز »(1).
أقول: في المسألة قولان، والأقوى هو الجواز وفاقاً للمحقق وغيره ، وخلافاً للشيخ(2)، ووجه التردّد عند المحقق هو التأمّل في أن إقامة البيّنة حق للمدّعي أو أنه حكم شرعي، ولو كان حقّاً ، فهل هو من الحقوق القابلة للإسقاط أو لا ؟
والظاهر: أنه حق لا يقبل الإسقاط، ومع الشك في كونه حقّاً قابلاً له ، يكون الأصل بقائه ، وكذا يستصحب البقاء بناء على كونه حكماً، فالظاهر هو جواز الرجوع إلى إقامة البينة ، أو إليها بعد إقامتها وقبل حلف المنكر.
ولا يجري هنا استصحاب تأثير اليمين، بأن يقال إنه بالإعراض أو الإسقاط يكون المؤثر اليمين، فمع الشك في بقاء تأثيرها بعد الرجوع يستصحب التأثير، ووجه عدم الجريان هو : أن المورد يكون من صغريات كبرى دوران الأمر بين استصحاب حكم المخصص والتمسك بعموم العام، وقد تقرّر في محلّه أن التحقيق هو الثاني.
قال: « وكذا البحث لو أقام شاهداً فأعرض عنه وقنع بيمين المنكر ».
أي: ثم عاد إليه قبل الحلف أو ردّ المنكر اليمين على المدعي ثم عاد إلى اختيار الحلف الذي يقوم مقام الشاهد الثاني.
(1) شرائع الإسلام 4 : 91.
(2) المبسوط في فقه الإمامية 8 : 190 .