المسألة الخامسة
( حكم ما لو ادّعى عليه القتل وأقام شاهداً )
قال المحقق قدّس سرّه: « لو ادّعى عليه القتل وأقام شاهداً فإن كان خطأ أو عمد الخطأ حلف وحكم له، وإن كان عمداً موجباً للقصاص لم يثبت باليمين مع الواحد وكانت شهادة الشاهد لوثاً، وجاز له إثبات دعواه بالقسامة »(1).
أقول: لو ادّعى عليه القتل وأقام شاهداً واحداً فتارة : يدّعي ما يوجب المال ، وأخرى : يدّعي ما لا يوجبه، ففي الصّورة الأولى ، كما لو كان القتل المدعي خطأ أو عمد الخطأ، حلف المدّعي مع شهادة الشاهد وحكم له، لما تقدّم من ثبوت الحق المالي بالشاهد واليمين.
وفي الصورة الثانية، كما لو كان القتل المدّعى عمداً موجباً للقصاص لم يثبت الحق باليمين مع شهادة الشاهد الواحد، لعدم كونه حقاً ماليّاً، وتكون شهادة الشاهد الواحد في هذه الصورة لوثاً ، وجاز للمدعي إثبات دعواه حينئذ بالقسامة .
وتوضيحه: إن قتل العمد يثبت بأمور:
1 ـ البيّنة.
2 ـ إقرار القاتل، ويكفي مرّة واحدة.
3 ـ القسامة في صورة اللّوث. و اللّوث أمارة دون البيّنة، أي أن يكون هناك قرينة موجبة للظن بأنه القاتل فحينئذ تجب القسامة، مثلاً: لو وجدت جثة شخص مقتول مضرّج بدمائه وبالقرب منه شخص آخر بيده سيف ملطّخ بالدم، فتقام القسامة، وهي أن يقسم خمسون رجل ـ أحدهم ولي المقتول ـ بأن فلاناً هو القاتل، فيثبت القصاص حينئذ وإن لم يكن هؤلاء عدولاً. ولو كانوا خمسة وعشرين رجلاً حلف كلّ واحد منهم مرّتين، ولو كانوا أقل كرّروا اليمين حتى الخمسين، ولو كان الولي وحده حلف خمسين مرّة، ولو لم يوجد أحد أو امتنعوا عن اليمين، حلف خمسون رجل على الإنكار، أو أُقيمت البينة على النفي. وهنا حيث يوجد شاهد واحد كانت شهادته لوثاً وجاز للمدعي إثبات دعواه بالقسامة ، فإن أُقيمت ثبت الحكم كما ذكرنا.
(1) شرائع الإسلام 4 : 94.