المسألة الثانية
( لو ادّعى على المملوك فمن الغريم ؟ )
قال المحقق قدّس سرّه: « إذا ادّعى على المملوك فالغريم مولاه ، ويستوي في ذلك دعوى المال والجناية ».
أقول: يعني أن المدّعى عليه في الحقيقة هو المولى، وعليه، فيكون العبرة بإقراره وإنكاره لا بإقرار العبد وإنكاره، سواء كانت الدعوى في المال أو كانت في جناية ارتكبها العبد… ولكن في المسألة تفصيل، وبيان ذلك:
إنه في كلّ دعوى يكون الضرر متوجهاً فيها على المولى، تكون العبرة بإقرار المولى وإنكاره، فلو ادّعي على المملوك ملكيّة مال معيّن بيده ، كان المولى هو المدّعى عليه في الواقع لأنه الغريم، إذ العبد وما في يده لمولاه، فإن أقرّ المولى، أخذ المال ودفع إلى المدعي، وإن أنكر حلف، وكذا لو كانت الدعوى جناية، فعلى القول بأن دية خطأ العبد على المولى يكون الإعتبار بإقرار المولى وإنكاره، ولا فرق في الجناية بين ما يوجب استحقاق العبد وغيره، لأن الغريم هو المولى على كلّ حال، وأما على القول بأن هذه الدية على العبد نفسه لا على المولى، كانت العبرة بإقرار العبد وإنكاره، فإن أقرّ صبر حتى ينعتق فيؤدي وإلا حلف على النفي.
وكذا لو صدر منه ما يوجب قتله قصاصاً بعد العتق.
ولو صدر من العبد ما يوجب قتله قصاصاً في حال رقيّته، فهل المعتبر إقرار المولى وإنكاره لأنه الغريم، أو يعتبر إقرار وإنكار العبد ، لكونه هو المباشر والمدّعى عليه ؟ وجهان، وتظهر الثمرة فيما لو أقرّ المولى بالجناية وأنكر العبد ، والأوّل مشكل ، لأنه وإن كان هو الغريم، لكن ليس المولى مالكاً لحياة العبد، وقد تقرّر أن من ملك شيئاً ملك الإقرار به.
ولو أقرّ العبد بهذه الجناية، فإن إقراره ينتهي إلى ضرر المولى ، لأنّ المفروض وجوب قتله فعلاً قبل الإنعتاق، وحينئذ يتوجّه الإشكال بأن دليل: « إقرار العقلاء على أنفسهم جائز » ليس على إطلاقه ليشمل صورة استلزامه الضرر لغيره .
فظهر أن في المسألة تفصيلاً، والظاهر أن مراد المحقق من كلامه ما إذا كانت الدّعوى على المملوك من حيث أنه مملوك…
وقد تلخّص أنه يدور أمر الإعتبار بالإقرار والإنكار مدار الغرم، فحيث يتوجّه الضرر والخسارة على المولى يكون الاعتبار بإقراره وإنكاره ، وحيث يتوجّه على نفس العبد بأن يؤدي الحق بعد الإنعتاق، كان الاعتبار بإقراره وإنكاره .
وعن ( القواعد )(1): « وإذا ادّعي على المملوك، فالغريم مولاه، سواء كانت الدعوى مالاً أو جناية، والأقرب عندي توجه اليمين عليه، فإن نكل ردّت على المدعي وتثبت الدعوى في ذمة العبد يتبع بها بعد العتق ».
وظاهره وجوب اليمين على العبد وإن كان الغريم مولاه، فإن نكل لم تؤثر يمين المولى.
وفي ( الجواهر )(2): ومراده على الظاهر الإشارة بذلك إلى توجّه سماع الدعوى على العبد منفرداً، أو اقتضاء الدعوى على المولى يميناً أخرى على العبد غير يمين المولي …
قلت: ولكنّ توجّه اليمين على العبد حيث يكون هو الغريم هو قول جميع الفقهاء ، وليس قولاً للعلاّمة حتى يقول: والأقرب عندي.
ويحتمل: أنه وجّه اليمين على العبد لا المولى لأنها على فعل الغير.
وفيه: إنه لو كان مراده ذلك لوجّهها على المولى، بأن يحلف على نفي العلم.
(1) قواعد الأحكام 3 : 445.
(2) جواهر الكلام 40 : 255.