صفات القاضي
البلوغ * العقل * الايمان * العدالة * طهارة المولد العلم * الضبط * الكتابة * الذكورة * السمع والبصر والنطق * الحرية.
الأصل: عدم نفوذ حكم أحد في حق أحد، لكن قام الدليل ـ نقلاً وعقلاً ـ على نفوذ حكم أشخاص… فالنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لا ريب في نفوذ حكمه، لأنه خليفة الله في الأرض وصاحب الولاية الكبرى المقتضية لنفوذ حكمه… وقد قال عزّ وجلّ (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيَما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً )(1)، كما لا ريب في ولاية الأئمة المعصومين من أهل بيته وعترته ونفوذ حكمهم، للأدلة المعتبرة الدالّة على ذلك كتاباً وسنّة، ومن ذلك قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْء فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ )(2)(3).
ولا ريب في أنه صلّى الله عليه وآله وسلّم قد تصدّى لذلك وكان ينصب أو يرسل بعض أصحابه لفصل الخصومات وقطع المشاجرات… وكذلك فعل مولانا أمير المؤمنين عليه الصّلاة والسلام… وهذا يدلّ على أنه يمكن إعطاء هذا المنصب لبعض الأشخاص وتوليتهم القضاء(4) ، فمن يصح نصبه لهذا الأمر ؟ ومن الذي ينفذ حكمه وإن لم يكن منصوباً بالخصوص ؟ وما هي صفاته ؟
1 ـ البلوغ
قال المحقق قدّس سرّه: « ويشترط فيه البلوغ »(5).
أقول: لا ريب ولا خلاف في اشتراط البلوغ في القاضي، فلا ينعقد القضاء لغير البالغ(6)، لأنه قاصر محتاج إلى الولي، ولا تنفذ أعماله في حق نفسه ولا ولاية له عليها، فكيف يكون وليّاً على غيره ؟
(1) سورة النساء 4 : 65.
(2) سورة النساء : 59.
(3) فالمراد من « أولي الأمر » فيها ـ كما في الأخبار المعتبرة ـ هم الأئمة المعصومون من أهل بيت الوحي والرسالة دون غيرهم.
(4) فالحاصل: إن الحكم في الأصل لله عزّ وجلّ كما قال: ( إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ ) ثم إنه جعله لأشخاص معينين ونصبهم له، وهم الأنبياء والأوصياء، وقد أمر الناس بالرجوع إلى هؤلاء فيما شجر بينهم ورضي بحكم هؤلاء، أما غيرهم فقد نهى عن الرجوع إليهم، قال سبحانه: (يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ ) ( سورة النساء 4 : 60 ). ومن هنا قال أمير المؤمنين عليه السلام لشريح: « قد جلست مجلساً لا يجلسه إلاّ نبي أو وصي أو شقي » وسائل الشيعة 27 : 17/2. ابواب صفات القاضي ، الباب 3. ثم إن هذا المنصب الجسيم قد أذن للتصدي له من قبل الأئمة عليهم السلام لمن توفّرت فيه الصفات المذكورة في أدلة الإذن، ومن هنا نشرع في بيان تلك الصفات على ضوء تلك الأدلّة.
(5) شرائع الإسلام 4 : 67.
(6) أي حتى المراهق الجامع للشرائط ـ عدا البلوغ ـ ويدل عليه الإجماع المصرّح به في كلمات جماعة من الأصحاب ، وهو العمدة بعد معتبرة أبي خديجة : « أنظروا إلى رجل … » . وأما كونه قاصراً محتاجاً إلى الولي في تصرّفاته فقاصر عن الدلالة على المنع ، إذ يمكن لهذا الشخص المفروض جامعيّته للشرائط عدا البلوغ أن يتصدّى للحكم بإذن وليّه .
ثم إن الأدلة الاخرى الظاهرة في العموم تخصّص بالمعتبرة المذكورة ، ومثلها الاخرى : « إجعلوا بينكم رجلاً … » .