لو مات القاضي الأصلي فهل ينعزل النائب عنه ؟
ثم قال المحقق قدّس سرّه: « ولو مات القاضي الأصلي لم ينعزل النائب عنه، لأن الاستنابة مشروطة بإذن الإمام عليه السلام، فالنائب عنه كالنائب عن الإمام فلا ينعزل بموت الواسطة. والقول بانعزاله أشبه »(1).
أقول: لو أذن الإمام للقاضي الأصلي في نصب القضاة، بأن يكونوا وكلاء عن الإمام أو يكونوا نوّابه أو مأذونين من قبله في الحكم، لم ينعزلوا بموت القاضي الأصلي، لكونه واسطة في النصب فحسب ، وهذا واضح، ولو كان ذلك من قبل نفسه لا الإمام ، فلا ريب في انعزالهم بموته، وهذا واضح أيضاً، ولو أمره الإمام بإنشاء النصب وجعل الولاية على القضاء فلا ينعزلون ، لا بموته ولا بموت الإمام، لما تقدّم في الفرع السابق.
هذا كلّه في مقام الثبوت.
وفي مقام الإثبات: إن علم الأمر من الإمام عليه السلام أو بالقرائن الحافّة بالكلام، فلا بحث، وإن شك في كيفية الأمر وفي نفوذ حكم القضاة المنصوبين بعد موت القاضي الأصلي، فلا مجال لاستصحاب كلّي الوكالة أو النيابة، لعدم جريانه مع الشك في المقتضي، مضافاً إلى أنه مسبّب عن الشك في كون الجعل من قبل الإمام، والأصل عدمه، كما أن الأصل عدم جعل الولاية والسلطنة، فلا وجه لنفوذ حكمهم بعد موت القاضي الأصلي.
وأما في حال الغيبة، فلا ريب في نفوذ قضاء الفقيه الجامع للشرائط، لأن له الولاية على القضاء، فإن قلنا بأنه لا يجوز له نصب غيره للقضاء ، فلا كلام، وإن قلنا بأن له ما للإمام ، جاء فيه التفصيل المذكور في الفرع السابق.
وأما في الأمور الحسبية، فتارة : يأذن أو يوكل أو ينيب من يثق به فيها، فإن أعماله نافذة ، ما دام الفقيه الناصب له حيّاً وينعزل بموته ألبتة . وأخرى : يجعل الولاية له بالإستقلال ، فلا ينعزل بموته.
وأشكل المحقق الآشتياني في أن يكون للفقيه ما للإمام من التصرّف في الأمور المستقبلة، لعدم الدليل على ذلك(2).
وفيه: إن هذا صحيح، ولكن الفقيه يجعل الولاية في حال حياته ، ثم تبقى بعد موته حتى يحدث ما يزيلها أو يموت ـ نظير علقة الزوجية التي لا تزول بموت العاقدين ـ لأن ذات الولاية المجعولة قابلة للبقاء بمجرد إنشائها ، حتى يقوم الدليل على زوالها.
وهل للنائب أو الوكيل جعل الولاية الخاصّة لثالث ؟
الظاهر: لا، لأن غرض الشارع في الأمور الحسبيّة يتحقق بالإذن.
وتظهر الفائدة في أنه مع الجعل لا يمكن العزل، وقد تدعو الضرورة إلى العزل بخلاف الإذن، فلذا يكون التصرف بنحو الإذن حتى يتمكن من ذلك.
(1) شرائع الإسلام 4 : 71.
(2) كتاب القضاء : 49.