عدم جواز الحلف من غير علم:
قال المحقق: « ولا يحلف من لا يعرف ما يحلّف عليه يقيناً »(1).
أقول: لا يجوز الحلف من غير علم مطلقاً، ولا سيما في مورد المرافعة ، ويدلّ على ذلك النصوص الصريحة مثل:
1 ـ عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: « لا يحلف الرجل إلاّ على علمه »(2).
2 ـ عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: « لا يستحلف الرجل إلاّ على علمه »(3).
3 ـ عن يونس عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال : « لا يستحلف الرجل إلاّ على علمه ولا تقع اليمين إلاّ على العلم، استحلف أو لم يستحلف »(4).
قال في ( الجواهر ) بعد عبارة المتن: « وإن كان هو مقتضى الاصول العقلية »(5).
قلت: لعلّ مراده ما في ( القواعد )(6) وغيره من أن من شرط اليمين الجزم ، والجزم لا يتحقق إلا مع العلم.
هذا، وقد تقدّم الكلام على أنه هل تجوز اليمين بمقتضى اليد كما تجوز الشهادة أو لا ؟ وقد قلنا بجوازها في كلّ مورد تجوز الشهادة فيه، سواء كانت استناداً إلى اليد أو غيرها من الأمارات الشرعية، بل قيل بجواز الحلف بمقتضى الإستصحاب ، على إشكال فيه.
وهل يحلف على أنه ماله واقعاً وأنه له بحسب الحكم الظاهري ؟
إن حلف على أن ما بيده ملك له واقعاً استناداً إلى اليد، فإن لازم ذلك تجويز الكذب في هذا المورد، وإن اُريد الملكية الظاهرية ، لزم التخصيص في الأصل العقلي والنصوص الواردة في المسألة لعدم الجزم المعتبر في اليمين، مع أن حكم العقل لا يقبل التخصيص.
أقول: إنا نقول بالتخطئة في الأحكام الواقعية والظاهرية معاً، والحكم الظاهري يمكن تعلّق العلم به مع الشك في الحكم الواقعي، وحينئذ يجوز الحلف بحسب العلم بالحكم الظاهري، فمرادهم من « لا يحلف من لا يعرف ما يحلف عليه يقيناً » هو عدم جواز يمين الوارث مثلاً استناداً إلى كتابة من خط مورّثه، أو شهادة شاهد واحد بأن المال الكذائي للمورّث.
قال في ( الجواهر )(7): أما لو شهد له به شاهدان، فقد يقال بالجواز لأنها حجة شرعيّة، بل قد يحتمل جواز الحلف على مقتضى استصحاب الموضوع الثابت، لكنه لا يخلو من إشكال بل منع فيهما، لعدم العلم المعتبر في الحلف…
وفيه: أوّلاً: إن الفرق بين اليد والبينة غير واضح، وثانياً: إنه قد تقدّم أن اليمين على اليد هو الحلف بالحكم الظاهري، وعلى هذا ، فلا فرق بين اليد والإستصحاب.
والملكية الظاهريّة هي المراد من رواية حفص بن غياث(8).
(1) شرائع الإسلام 4 : 93.
(2) وسائل الشيعة 23 : 246/1 . كتاب الأيمان ، الباب 22.
(3) وسائل الشيعة 23 : 247/2 . كتاب الأيمان ، الباب 22.
(4) وسائل الشيعة 23 : 247/4 . كتاب الأيمان ، الباب 22.
(5) جواهر الكلام 40 : 281.
(6) قواعد الأحكام 3 : 447.
(7) جواهر الكلام 40 : 288.
(8) وسائل الشيعة 27 : 291 / ح2 وقد تقدم نصها في الكتاب.