حكم ما لو تقدمت اليمين على الشهادة
« ولو بدأ باليمين وقعت لاغية وافتقر إلى إعادتها بعد الإقامة ».
أقول: قد ذكرنا أن القدر المتيقن نفوذ الحكم الصادر بعد الشهادة واليمين، فهذا الذي لا ريب فيه، بخلاف ما إذا تقدّمت اليمين على الشهادة، ومع الشك ، فالأصل عدم النفوذ، لأنه المرجع في كلّ مورد شك في نفوذ الحكم فيه.
وأما الإستدلال ـ لاشتراط تقدّم إقامة الشهادة على اليمين ـ بتقدم ذكرها عليها في نصوص المسألة ، ففيه:
أوّلا: إن التقدم الذكري في النصوص لا يقتضي التقدّم في مجلس القضاء وكيفية المحاكمة.
وثانياً: لقد ذكرت اليمين في بعض النصوص مقدّمة على الشهادة(1).
ومن هنا نقول: إن الظاهر أن نصوص المسألة ليست بصدد بيان الكيفية مطلقاً، بل هي في مقام بيان أصل المطلب، وهو ثبوت الدّعوى هنا بشاهد واحد ويمين المدّعي، من دون تعرّض للخصوصيّات، لكن المؤثر يقيناً هو صورة تقدّم الشهادة على اليمين، ونفوذ الحكم في صورة العكس مشكوك فيه، فالمرجع هو الأصل المزبور.
وفي ( المسالك )(2): « أما اشتراط إقامة الشهادة أوّلا، لأن المدعي وظيفته البينة لا اليمين بالأصالة، فإذا أقام شاهده صارت البينة التي هي وظيفته ناقصة ومتممها اليمين بالنص، بخلاف ما لو قدّم اليمين، فإنه ابتدأ بما ليس وظيفة ولم يتقدّمه ما يكون متمّماً له ».
وفيه: ما ذكرنا من أن المستفاد من نصوص المسألة أن وظيفته هنا إقامة الشاهد الواحد واليمين حتى تثبت دعواه، فالقضاء يكون بكلا الأمرين، وليس في شيء من النصوص إشارة إلى أن وظيفته هنا إقامة البينة ـ كسائر الموارد ـ وأن يمينه تكون متممة للوظيفة الناقصة من جهة عدم الشاهد الآخر.
وعن ( كاشف اللثام )(3) الاستدلال له بأن جانبه حينئذ يقوى، وإنما يحلف من يقوى جانبه، كما أنه يحلف إذا نكل المدّعى عليه، لأن النكول قوّى جانبه.
وفيه: إنه استحسان لا أكثر.
والحاصل: إن المثبت للدّعوى كلا الأمرين، الشهادة واليمين، حالكونها متقدّمة على اليمين، وصورة العكس مشكوك فيها من حيث النفوذ وعدمه ، والأصل هو العدم، وعلى ما ذكرنا، فلو رجع الشاهد عن شهادته يكون الغرم نصف ما أخذه المدّعي من المال في هذه الدّعوى.
(1) وسائل الشيعة 27 : 269/15 ـ 16 . أبواب كيفية الحكم ، الباب 14.
(2) مسالك الأفهام 13 : 509.
(3) كشف اللثام 10 : 139.