المسألة الخامسة
( في حكم ارتزاق القاضي من بيت المال )
قال المحقق قدّس سرّه: « إذا ولي من لا يتعيّن عليه القضاء ، فإن كان له كفاية من ماله ، فالأفضل أن لا يطلب الرزق من بيت المال(1)، ولو طلب جاز ، لأنه من المصالح، وإن تعيّن عليه القضاء ولم يكن له كفاية ، جاز له أخذ الرزق، وإن كان له كفاية قيل: لايجوز له أخذ الرزق ، لأنه يؤدّي فرضاً »(2).
أقول: إرتزاق القاضي من بيت المال إن لم يكن له كفاية من ماله جائز، سواء كان القضاء متعيّناً عليه أولا، فله أخذ مؤنته من بيت المال، والحاكم يعطيه منه لا بعنوان الاجرة على القضاء، بل بعنوان أن ذلك من مصالح المسلمين التي أعدّ لها بيت المال. وإن كان عنده ما يكفي المؤنة ، فأخذه من بيت المال يكون قهراً بعنوان الاجرة على القضاء، فيدخل في مبحث(3) جواز أخذ الاجرة على الواجبات وعدم جوازه، فنقول:
(1) المراد من بيت المال ـ كما يستفاد من كلمات الفقهاء ـ هو البيت الذي يجمع فيه ما يشترك فيه جميع المسلمين من الأموال ويصرف في مصالح جميعهم كبناء المسجد ونحو ذلك، وأما ما يجمع فيه الزكاة والخمس وغيرهما مما يكون مختصاً بطائفة منهم ، فلا يكون من بيت المال في شيء ولا يجوز صرف ذلك في المصالح العامة بل يعطى لمستحقيه. فما يظهر من بعض من أن المراد هو الأعم ليس على ما ينبغي ـ قاله المحقق الآشتياني ( كتاب القضاء : 25 ).
(2) شرائع الإسلام 4 : 69.
(3) محصّل كلام سيدنا الأستاذ هو دخوله في هذا البحث فيما إذا كان له كفاية من ماله في كلا الصورتين: توليه القضاء بعنوان الواجب الكفائي، وتوليه بعنوان الواجب العيني بتعيين الإمام عليه السلام أو لعدم وجود غيره، خلافاً للمحقق ، حيث جوز له الأخذ من بيت المال في الصورة الأولى ـ وإن جعل الأفضل الترك ـ وقال بالنسبة إلى الثانية: قيل لا يجوز له أخذ الرزق لأنه يؤدي فرضاً.