المسألة الثالثة
( لو كان صاحب الحق غائباً فطالب الوكيل )
قال المحقق قدّس سرّه: « لو كان صاحب الحق غائباً فطالب الوكيل فادّعى الغريم التسليم إلى الموكّل ولا بينة، ففي الإلزام تردّد بين الوقوف في الحكم لاحتمال الأداء، وبين الحكم وإلغاء دعواه ، لأن التوقف يؤدي إلى تعذّر طلب الحقوق بالوكلاء، والأوّل أشبه »(1).
أقول: الوكيل تارة : وكيل في المرافعة فقط، وأخرى : هو وكيل في المرافعة والمطالبة بالحق معاً، وحيث يكون له المطالبة بالحق ، فإن ادّعى الغريم تسليمه إلى الموكّل ، طالبه بإقامة البينة على دعواه الوفاء به، فإن أقامها حكم الحاكم له، وإن لم يكن له بيّنة على تلك الدعوى، فلا يمكنه إحلاف الوكيل، لأن يمين الوكيل لا أثر لها ، وحينئذ تسقط دعواه ويلزم بدفع الحق، لأن الأصل عدم دفع الحق وعدم إبراء صاحب الحق إيّاه، وهذا هو الوجه الصحيح للقول بالإلزام.
وأمّا قوله : « لأن التوقف يؤدّي إلى تعذّر طلب الحقوق بالوكلاء ».
فقد يجاب عنه: بأن استيفاء الحق ليس متوقفاً على ذلك، فيمكن طلبها بأسباب أخرى .
وأما القول بأنه لو لم يلزم ، لتوجه الضرر على صاحب الحق بضياع حقّه، ففيه: أنه يحتمل أيضاً توجّه الضرر إلى الغريم، لاحتمال صدقه في دعوى الأداء.
وهل يلزم التكفيل حينئذ لو طلبه الدافع ؟
إن كان ذلك بعد حكم الحاكم لم يكن للتكفيل أثر، لأن الدعوى بعد الحكم لا تسمع، وإلاّ كان له وجه، نظير ما إذا كانت الدعوى على غائب، حيث ورد الخبر بأخذ الكفيل من المدعي.
وفي المسألة وجهان آخران:
أحدهما : تفصيل صاحب ( المستند )(2) بين ما إذا كان الوكيل وكيلاً في دعوى الإبراء والوفاء أيضاً، فالتوقف، وبين ما إذا لم يكن وكيلاً فالإلزام.
والثاني : التفصيل الذي لم يستبعد السيد(3) قدّس سرّه قوّته، وهو التفصيل بين ما إذا ثبت الحق بالبينة أو بإقرار المدّعى عليه من الأوّل، فعلى الأوّل الإلزام، وعلى الثاني فالتوقّف.
وإن لم يأذن ذو الحق للوكيل بأخذ الحق من الغريم، فلا وجه لأخذه له، فحيث يلزم ، يدفع الحق فإنه يدفعه إلى الحاكم حتى يسلّمه إلى صاحب الحق عند حضوره.
(1) شرائع الإسلام 4 : 86.
(2) مستند الشيعة 17 : 309.
(3) العروة الوثقى 3 : 45 ـ 47.