2 ـ الحصين بن نمير:
وكان في 4000، وكان صاحب شرطة ابن زياد(1)، وهو الذي أخذ قيس بن مسهر وبعث به إلى ابن زياد فاستشهد، وهو الذي عهد إليه ابن زياد حراسة سكك الكوفة لئلاّ يخرج منها مسلم بن عقيل أو أحد من أصحابه… وقد تقـدّم ذلك(2).
وهو الذي أرسله ابن زياد في ألف فارس يرصد الإمام ويسايره في الطريق، لئلاّ يسمع بخبر مسلم فيرجع ولا يقتل(3).
وهو الذي قتل حبيب بن مظاهر الأسدي رحمه الله(4).
وهو الذي كان على الرماة، فلمّا رأى صبر أصحاب الإمام عليه السلام تقدّم إلى أصحابه ـ وكانوا خمسمئة نابل ـ أنْ يرشقوا أصحاب الإمام بالنبل، فرشقوهم، فلم يلبثوا أن عقروا خيولهم وجرحوا الرجال وأرجلوهم واشـتدّ القتال(5)…
وهو الذي حمل عدداً من الرؤوس الشريفة إلى يزيد، «ثمّ أمر يزيد بإحضار من أتى برأس الحسـين ومن معه، ليسألهم كيف كان قتله، فحضروا بين يديه، فقال لابن ربعي: ويلك أنا أمرتك بقتل الحسـين؟!
فقال: لا، لعن الله قاتله.
ولم يزالوا كذلك، إلى أنْ وصل السؤال إلى الحصين بن نمير، فقال مقالتهم، ثمّ قال: أتريد أنْ أخبرك بمن قتله؟!
فقال: نعم.
قال: أعطني الأمان.
فقال: لك الأمان.
فقال: إعلم ـ أيّها الأمير ـ أنّ الذي عقد الرايات، ووضع الأموال، وجيّـش الجيوش، وأرسل الكتب، وأوعد ووعد، هو الذي قتله!
فقال: من فعل ذلك؟!
فقال: أنت!
فغضب منه ودخل منزله، ووضع الطشـت الذي فيه رأس الحسـين بيـن يديه وجعل يبكي ويلطم على وجهه ويقول: ما لي وللحسـين؟!…»(6).
وهو الذي قاد الجيش لحرب ابن الزبير في الحرم، فنصب المنجنيق فضرب به الكعبة، وكان ما كان ممّا هو مذكور في الكتب…(7).
ثمّ إنّ هذا الرجل قاد جيش الشام لمحاربة التوّابين، وكان أهل الشام نحواً من أربعين ألفاً، وفيهم: عبيـد الله بن زياد، وفيهم من قتلة الحسـين: عمير بن الحباب، وفرات بن سالم، ويزيد بن الحضين، وأُناس سوى هؤلاء كثير…(8)، وكان الحصين في قلب العسكر(9)، كما كان سليمان بن صرد على قلب عسكر أهل العـراق(10).
فاستشهد في هذه المعركة: سليمان بن صرد والمسيَّب بن نجبة وكثير من أهل العراق، وقُتل من أهل الشام: ابن زياد والحصين بن نمير وشراحيل بن ذي الكلاع وآخرون.
وبعث المختار برؤوس ابن زياد والحصين وشراحيل إلى محمّـد بن الحنفية بمكّة، والإمام السـجّاد عليه السلام يومئذ بمكّـة…(11).
هذا، والحصين بن نمير من أهل مدينة «حمص» بالشام، قال ابن حجر عن الكلبي: «إنّه كان شريفاً بحمص، وكذا وَلده يزيد وحفيده معاوية ابن يزيد وَلِـيـا إمرةَ حمص»(12).
قلـت: وأهل حمص في ذلك الزمان من النواصب..
قال ياقوت الحموي: «إنّ أشدّ الناس على عليّ رضي الله عنه بصِفّين مع معاوية كان أهل حمص، وأكـثرهم تحريضاً عليه وجِدّاً في حربه»(13).
(1) تاريخ الطبري 3 / 308، روضة الواعظين 1 / 405.
(2) تقـدّم في الصفحـة 285 وما بعـدها.
(3) نور العين في مشهد الحسـين: 31.
(4) انظر: تاريخ الطبري 3 / 327، مناقب آل أبي طالب 4 / 112، البداية والنهاية 8 / 146.
(5) انظر: الإرشاد 2 / 69.
(6) نور العين في مشهد الحسـين: 70; وقد تقـدّم في الصفحتين 208 ـ 209.
(7) أنسـاب الأشـراف 5 / 349، تاريـخ الطـبـري 3 / 360، تاريـخ دمشـق 14 / 382 و 387.
(8) الأخبار الطوال: 293.
(9) بحار الأنوار 45 / 360.
(10) بحار الأنوار 45 / 361.
(11) تاريخ دمشق 14 / 388، الأمالي ـ للشيخ الطوسي ـ : 242.
(12) الإصابة 2 / 92.
(13) معجم البلدان 2 / 349 رقم 3914.