منشـور الخليفة العبّـاسي
وهو قول المعتضد، الخليفة العبّـاسي، الذي أخرج كتاباً في ذمّ بني أُميّة، فقال فيه عن معاوية ويزيد:
«ومنه إيثاره بدين الله، ودعاؤه عباد الله إلى ابنه يزيد المتكبّر الخمّير، صاحب الديوك والفهود والقرود، وأخذه البيعة له على خيار المسلمين بالقهر والسطوة والتوعيد والإخافة والتهديد والرهبة، وهو يعلم سفهه، ويطّلع على خبثه ورهقه، ويعاين سكرانه وفجوره وكفره.
فلمّا تمكّن منه ما مكّنه منه ووطّأه له، وعصى الله ورسوله فيه، طلب بثارات المشركين وطوائلهم عند المسلمين، فأوقع بأهل الحـرّة الوقيعـة التي لم يكن في الإسلام أشـنع منها ولا أفحش، ممّا ارتكب من الصالحين فيها، وشفى بذلك عَـبَد نفسه وغليله، وظنّ أنْ قد انتقم من أوليـاء الله وبلـغ النوى لأعداء الله، فقال مجاهراً بكفره، ومظهراً لشركه:
ليت أشياخي ببدر شهدوا *** جزع الخزرج من وقع الأسل
قد قتلنا القرم من ساداتكم *** وعدلنا ميل بدر فاعتدل
فـأهـلّـوا واسـتـهلّـوا فرحـاً *** ثمّ قالوا: يا يزيد لا تُشل
لسـتُ من خندف إن لم أنتقم *** من بني أحمد ما كان فعل
ولعت هاشم بالملك فلا *** خبر جاء ولا وحي نزل
هذا هو المروق من الدين، وقول من لا يرجع إلى الله ولا إلى دينه ولا إلى كتابه ولا إلى رسوله، ولا يؤمن بالله ولا بما جاء من عند الله.
ثمّ مِن أغلظ ما انتهك، وأعظم ما اخترم، سفكه دم الحسـين بن عليّ وابن فاطمة بنت رسـول الله صلّى الله عليه وسلّم، مع موقعه من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومكانه منه ومنزلته من الدين والفضل، وشهادة رسـول الله صلّى الله عليه وسلّم له ولأخيه بسـيادة شـباب أهل الجنّة، اجتراءً على الله، وكفراً بدينه، وعداوة لرسوله، ومجاهدةً لعترته، واستهانةً بحرمتـه، فكأنّما يقـتل به وبأهـل بيتـه قوماً من كـفّار أهل الترك والديلم، لا يخاف من الله نقمةً، ولا يرقب منه سطوة، فبتر الله عمره، واجتثّ أصله وفرعه، وسلبه ما تحت يده، وأعدّ له من عذابه وعقوبته ما استحقّه من الله بمعصيته»(1).
(1) تاريخ الطبري 5 / 623 حوادث سـنة 284 هـ.