سمّ عبـد الرحمن بن خالد و كان أهل الشام يريدونه
وهكذا فعل بعبـد الرحمن بن خالد بن الوليد ـ وكان حامل اللواء الأعظم معه في صِفّين(1)! ـ لمّا رأى توجّه أهل الشام إليه وحبّهم له..
قال الحافظ ابن عبـد البرّ: «إنّه لمّا أراد معاوية البيعة ليزيد، خطب أهل الشام وقال لهم: يا أهل الشام! إنّه قد كبرت سنّي، وقرب أجلي، وقد أردت أنْ أعقد لرجل يكون نظاماً لكم، وإنّما أنا رجل منكم، فأروا رأيكم.
فأصفقوا واجتمعوا وقالوا: رضينا عبـدَ الرحمن بن خالد.
فشقّ ذلك على معاوية، وأسرّها في نفسه.
ثمّ إنّ عبـد الرحمن مرض، فأمر معاوية طبيباً عنده يهوديّـاً، وكان عنده مكيناً، أنْ يأتيه فيسقيه سقية يقتله بها. فأتاه فسقاه، فانخرق بطنه فمات»(2).
وقد سمّى ابن عساكر الطبيب اليهودي فقال: «فأمر ابن أثال أنْ يحتال في قتله، وضمن له إنْ هو فعل ذلك أن يضع عنه خراجه ما عاش، وأن يولّيه جباية خراج حمص، فلمّا قدم عبـد الرحمن حمص منصرفاً من بلاد الروم، دسّ إليه ابن أثال شربةً مسمومةً مع بعض مماليكه، فشربها، فمات بحمص، فوفّى معاوية بما ضمن له، وولاّه خراج حمص ووضع عنه خراجه»(3).
قال ابن عبـد البرّ: «ثمّ دخل أخوه المهاجر بن خالد دمشق مستخفياً هو وغلام له، فرصدا ذلك اليهودي، فخرج ليلا من عند معاوية، فهجم عليه ومعه قوم هربوا عنه، فقتله المهاجر.
وقصّته هذه مشهورة عند أهل السير والعلم بالآثار والأخبار، اختصرناها، ذكرها عمر بن شبّة في أخبار المدينة، وذكرها غيره»(4).
وذكر ابن عساكر أنّ معاوية حبس خالد بن المهاجر بن خالد بن الوليد، ولم يخرج من الحبـس حتّى مات معاوية(5).
(1) الأخبار الطوال: 172.
(2) الاسـتيعاب 2 / 829 ـ 830 رقم 1402.
(3) تاريخ دمشق 16 / 164 رقم 1897، وانظر: أنساب الأشراف 5 / 118، تاريخ اليعقوبي 2 / 132، تاريخ الطبري 3 / 202، الكامل في التاريخ 3 / 309، البداية والنهاية 8 / 25 حوادث سـنة 46 هـ.
(4) الاستيعاب 4 / 1453 رقم 2503، أُسد الغابة 4 / 502 رقم 5128، ولم نجده في كـتاب ابن شـبّـة المطبوع.
(5) تاريخ دمشق 16 / 215 رقم 1919.