ابن تيميّة
يقول ابن تيميّة:
«إنّ يزيد لم يأمر بقتل الحسـين باتّفاق أهل النقل، ولكن كتب إلى ابن زياد أنْ يمنعه عن ولاية العراق، والحسـين رضي الله عنه كان يظنّ أنّ أهل العراق ينصرونه… فقاتلوه حتّى قتل شهيداً مظلوماً، رضي الله عنه.
ولمّا بلغ ذلك يزيد أظهر التوجّع على ذلك، وظهر البكاء في داره.
ولم يَسـبِ له حريماً أصلا، بل أكرم أهل بيته وأجازهم حتّى ردّهم إلى بلدهم…
وقد اتّـفق الناس على أنّ معاوية رضي الله عنه وصّى يزيد برعاية حقّ الحسـين وتعظيم قدره… وإذا قيل: إنّ معاوية رضي الله عنه استخلف يزيد، وبسبب ولايته فعل هذا. قيل: استخلافه إنْ كان جائزاً لم يضرّه ما فعل، وإن لم يكن جائزاً فذاك ذنب مستقلّ ولو لم يقتل الحسـين…»(1).
أقـول: وفي كلامه:
1 ـ إنّ يزيد لم يأمر بقتل الحسـين باتّفاق أهل النقل.
2 ـ إنّه لمّا بلغ ذلك يزيد أظهر التوجّع…
3 ـ إنّ يزيد لم يسـب له حريماً أصلا.
4 ـ إنّ معاوية ليـس له دور في هذه القضيّـة.
ثمّ لماذا تعـرّض للدفاع عن معاوية؟!
لأنّ المرتكز في أذهان الناس أنّه لولا استخلاف معاوية يزيد الخمور والفجور، وبتلك الأساليب البشعة والماكرة ـ التي تقدّم ذِكر بعضها في الفصل الأوّل ـ لَما فعل يزيد هذا…
ولا بُـدّ من الدفاع عن معاوية!!..
لأنّ معاوية ـ أيضاً ـ منصوب من قِبَل عمر بن الخطّاب على الشام… ولولا ذلك لَما فعل ما فَعَل، ولَما وصلت النوبة إلى يزيد…
أمّا نحن… فقد استظهرنا من الأخبار أنّ لمعاوية ـ نفسه ـ دوراً في قتل الإمام عليه السلام، وأنّ كلّ ما حدث ووقع فقد خطّط له معاوية مباشـرةً…
ولعلّ ابن تيميّة وأمثاله يرون ـ أيضاً ـ هذه الحقيقة…
وعلى أيّـة حال…
فلا سـبيل لإنكار دور معاوية في القضيّـة…
ولا يمكن إنكار انتهاء الأمر إلى الأعلى فالأعلى…!!
وهذا هو السـبب في اضطراب القوم…
فابن تيميّة أجاب بجواب هو في الواقع التزامٌ بالحقيقة…
(1) منهاج السُـنّة 4 / 472 ـ 473.