يشترط تصديق المحبوب
لكنّ ذلك لا يتحقّق بالسير من طرف المحبّ بل يشترط القبول والإقبال من طرف المحبوب أيضاً، ولولا تصديق المحبوب لدعوى المحبّ، وتوفيقه على التوجّه إليه، وتأييده في الحركة نحوه، لذهب سعي المحبّ أدراج الرّياح، ولذا ورد في الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنه قال:
إذا أحبّ أحدكم صاحبه أو أخاه فليُعلمه(1).
وذلك، لأنّه إذا أعلمه أحبّه صاحبه، وإذا تحقّق الحبّ من الجانبين حصل المقصود وترتب الأثر المطلوب.
ومن هنا جاء في الخبر:
عن الأصبغ بن نباتة قال: كنت مع أمير المؤمنين عليه السّلام، فأتاه رجل فسلّم عليه ثمّ قال: يا أمير المؤمنين إنّي والله لأحبّك في الله وأحبّك في السرّ كما أحبّك في العلانيّة، وأدين الله بولايتك في السرّ كما أدين بها في العلانيّة، وبيد أمير المؤمنين عليه السّلام عود فطاطاً به رأسه ثمّ نكت بعوده في الأرض ساعة ثمّ رفع رأسه إليه فقال: إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله حدّثني بألف حديث لكلّ حديث ألف باب، وإن أرواح المؤمنين تلتقي في الهواء فتشامّ فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف. ويحك، لقد كذبت، فما أعرف وجهك في الوجوه ولا اسمك في الأسماء.
قال: ثمّ دخل عليه آخر فقال: يا أمير المؤمنين، إنّي أحبّك في الله، وأحبّك في السرّ كما أحبّك في العلانيّة، وأدين الله بولايتك في السرّ كما أدين الله بها في العلانية قال: فنكت بعوده الثانية ثمّ رفع رأسه إليه فقال له: صدقت إنّ طينتنا طينة مخزونة أخذ الله ميثاقها من صلب آدم فلم يشذّ منها شاذّ، ولا يدخل منها داخل من غيرها، إذهب واتّخذ للفقر جلباباً(2).
وعليه، فإن دعوى الحبّ لأهل البيت لا تنتج النتيجة المطلوبة ما لم يُقابَل بالتصديق من طرفهم بمحبّتهم له، وحينئذ لابدّ من أن نفكّر في أن حبّهم للأشخاص اعتباطي أو له شروط؟!
(1) كتاب المحاسن 1 / 266، بحار الأنوار 71 / 182.
(2) بصائر الدرجات: 391، بحار الأنوار 25 / 14.