وَ مَعْدِنَ الرَّحْمَةِ
«المعدن» لغة
قال الراغب:
جنّات عدن، أي استقرار وثُبات، وعَوَنَ بمكان كذا: استقرّ، ومنه: المعدن لمستقرّ الجواهر(1).
وقال الفيّومي:
عَدَنَ بالمكان عدناً وعدوناً من بابي ضرب وقعد: أقام، ومنه جنّات عدن، أي: جنّات إقامة، واسم المكان: معدن، مثال مجلس، لأن أهله يقيمون عليه الصيف والشتاء، أو لأن الجوهر الذي خلقه الله فيه عَدَن به، قال في مختصر العين: معدن كلّ شيء حيث يكون أصله…(2).
فالرحمة مستقرة مكينة في أهل البيت وهم الأصل لها، وقد جاء في الروايات وصفهم بـ«بيت الرحمة»:
«… نحن… بيت الرحمة»(3).
ويقال: فلان معدن الجود والكرم، أي أن الجود والكرم من صفاته الذاتيّة لا تنفكّ عنه ولا تتخلّف.
ويعتبر في صدق عنوان «المعدن» أُمور:
أحدها: أن يكون الشيء ثميناً يتنافس العقلاء في الحصول عليه، فالأرض التي فيها أقسام من الحجر لا يصدق عنوان «المعدن» إلاّ تلك القطعة المتوفّر فيها الأحجار الكريمة منها.
والثاني: أنْ يكون الشيء في المكان خافياً مستوراً يتطّلب تحصيله وحيازته جهداً، فلو كان على وجه الأرض مثلاً لم يسمّ بـ«المعدن».
والثالث: أنْ يكون الشيء مستقرّاً في المكان.
والرابع: أن يكون الشيء متولّداً من ذلك المكان لا أنه قد وضع فيه وأخفي كما هو الحال في الكنز.
وبما ذكرنا ظهر الفرق بين «المعدن» و«المخزن» و«الكنز».
وظهر أيضاً عدم الفرق بين الشيء المادّي والمعنوي، فإنّه إذا وجدت فيه الخصوصيّات المذكورة صدق عليه عنوان «المعدن»، ولذا جاء في الحديث:
الناس معادن كمعادن الذهب والفضّة(4).
أي: إن حقائق الناس وبواطنهم مختلفة، كما تختلف المعادن في حقيقتها أو في قيمتها ونفاستها.
(1) المفردات في غريب القرآن: 326.
(2) المصباح المنير: 397.
(3) الدر المنثور 6 / 606 بتفسير الآية: 33 من سورة الأحزاب.
(4) من لا يحضره الفقيه 4 / 380.