وَ عِبَادِهِ الْمُكْرَمِينَ الَّذِينَ لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَ هُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ
«العباد» لغةً
«العباد» جمع «العبد».
إنّ الأئمّة عليهم السّلام عباد لله، وعبيد مربون… عبادٌ مكرمون… .
ويتضّح معنى «المكرمين» مما ذكرناه بشرح «اصول الكرم». وحاصل ذلك هو: القيمة العالية، كما في موارد استعمال هذه المادّة في القرآن الكريم، كقوله تعالى في وصف كتابه:
(إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَريمٌ)(1).
وفي وصف ملائكته:
(كِرامًا كاتِبينَ)(2).
و (بِأَيْدي سَفَرَة * كِرام بَرَرَة)(3).
وفي وصف بعض مخلوقاته:
(أَ وَلَمْ يَرَوْا إِلَى الاَْرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فيها مِنْ كُلِّ زَوْج كَريم)(4).
وفي وصف شأن رفيع ومرتبة عالية:
(وَكُنُوز وَمَقام كَريم)(5).
ولذا قال الراغب:
وكلّ شيء شرف في بابه فإنه يوصف بالكرم(6).
ومن هذا الباب:
التعبير عن البنت بـ«الكريمة» كما في الخبر:
من زوّج كريمته من شارب الخمر فقد قطع رحمها(7).
والتعبير عن «العين» بذلك، كما في الخبر:
ما سلب أحدٌ كريمته إلاّ عوّضه الله منه الجنّة(8).
والتعبير عن الأحجار الثمينة بـ«الأحجار الكريمة».
وعلى الجملة، ففي «وعباده المكرمين…» إشارة إلى الآيات المباركة:
(وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَدًا سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ * لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْديهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلاّ لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ * وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِي الظّالِمينَ)(9).
وفي هذه الآيات ثلاثة نقاط:
1 ـ إن المكرّمين عند الله من الأنبياء والأولياء والملائكة ليسوا أبناءً لله، ردّاً على اليهود والنصارى الذين قالوا كما في الآية الكريمة:
(وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ)(10).
(وَقالَتِ النَّصارى الْمَسيحُ ابْنُ اللّهِ).
2 ـ إنّ السبب الذي جعلهم «مكرمين» عند الله هو كونهم عباداً له.
3 ـ إنها تشير إلى عدّة منازل جليلة ومقامات رفيعة:
(1) سورة الواقعة: الآية: 77.
(2) سورة الإنفطار: الآية: 11.
(3) سورة عبس: الآية: 15 و 16.
(4) سورة الشعراء، الآية: 7.
(5) سورة الشعراء، الآية: 58.
(6) المفردات في غريب القرآن: 429.
(7) الكافي 5 / 347.
(8) قرب الإسناد: 389، بحار الأنوار 81 / 182.
(9) سورة الأنبياء، الآية: 26 ـ 29.
(10) سورة التوبة، الآية: 30.