وَ حَمَلَةِ كِتَابِ اللَّهِ
«الحمل» لغةً
«الحملة» جمع «الحامل».
قال ابن فارس: الحاء والميم واللاّم أصل واحد، يدلّ على إقلال الشيء، يقال: حملت الشيء أحمله حملاً،…(1).
وقال الراغب: الحمل معنى واحد، اعتبر في أشياء كثيرة، فسُوّي بين لفظه في فعل وفُرق بين كثير منها في مصادرها، فقيل في الأثقال المحمولة في الظاهر، كالشيء المحمول على الظهر: حِمل، وفي الأثقال المحمولة في الباطن: حَمل، كالولد في البطن… يقال: حملت الثقل والرسالة والوزر حملاً… وقوله عزّ وجلّ: (مَثَلُ الَّذينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ…) أي: كُلّفوا أنْ يتحمّلوها، أي يقوموا بحقّها…(2).
والحمل مفهومٌ يتقوم بـ«الحامل» و«المحمول» سواء حمل الشيء في اليد أو على الرأس أو على الظهر أو في البطن أو في الصّدر.
وهذا المفهوم يتحقّق بحمل الأثقال وإلاّ لم يصدق «الإقلال»، وهي على قسمين:
1 ـ الأثقال الماديّة المحسوسة، كما في قوله تعالى:
(وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ)(3).
وكما في قوله تعالى:
(وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواح وَدُسُر)(4).
2 ـ الأثقال المعنويّة، كما في قوله تعالى:
(وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتاب وَلا تَخُطُّهُ بِيَمينِكَ إِذًا لاَرْتابَ الْمُبْطِلُونَ * بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ في صُدُورِ الَّذينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاَّ الظّالِمُونَ)(5).
وكما في قوله تعالى:
(وَما هُمْ بِحامِلينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْء)(6).
وكما في قوله تعالى:
(مَثَلُ الَّذينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفارًا)(7).
وهذا من تشبيه المعقول بالمحسوس، والمراد من (لَمْ يَحْمِلُوها) أي: لم يقوموا بحقها كما قال الراغب، فهم لمّا لم يأخذوا بتعاليم التوراة أصبحوا بحيث لا يفرّق بينهم وبين الحيوان الذي يحمل الأسفار وهو لا يعقل ما يحمل وقيمته وأهميته.
(1) معجم مقاييس اللغة 2 / 106.
(2) المفردات في غريب القرآن: 257.
(3) سورة النمل، الآية: 7.
(4) سورة القمر، الآية: 13.
(5) سورة العنكبوت، الآية: 48 ـ 49.
(6) سورة العنكبوت، الآية: 12.
(7) سورة الجمعة، الآية: 5.