وجود الأئمّة و الأبرار من حقيقة واحدة
فيمكن أن يكون المراد أنّ وجود «الأبرار» من وجود «الأئمّة» وهم الأصل لوجود ذواتهم، وهذا يحتمل معنيين:
أحدهما: أنْ يكون وجود الأئمّة وسائر الأبرار من حقيقة واحدة.
والثاني: أن يكون الأئمّة واسطةً في وجود الأبرار.
لكنّ الظّاهر هو الأوّل، إذْ لا يختصُّ الثاني بالأبرار، لكونهم الواسطة في وجود جميع الخلائق، كما تقدّم ويأتي بالتفصيل.
ويدلُّ على الأوّل: ما ورد في كتب الفريقين من أنّ نورهم أوّل ما خلق، وأن جميع الموجودات النورانية مخلوقة من نورهم:
لقد جاء في (تذكرة الخواص) ما نصّه:
«حديث فيما خلق منه: قال أحمد في «الفضائل»: حدّثنا عبدالرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن خالد بن معدان، عن زاذان عن سلمان، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: كنت أنا وعليّ بن أبي طالب نوراً بين يدي الله تعالى قبل أن يخلق آدم بأربعة آلاف عام، فلمّا خلق آدم قسّم ذلك النور جزءين: فجزء أنا وجزء عليّ.
وفي رواية: خلقت أنا وعليّ من نور واحد»(1).
وقال الحافظ الكنجي ما نصّه:
«الباب السّابع والثمانون: في أنّ عليّاً خلق من نور النبي: أخبرنا إبراهيم بن بركات الخشوعي بمسجد الربوة من غوطة دمشق، أخبرنا الحافظ عليّ بن الحسن، أخبرنا أبو القاسم هبة الله، أخبرنا الحافظ أبو بكر الخطيب، أخبرنا عليّ ابن محمّد بن عبدالله العدل، أخبرنا أبو عليّ الحسن بن صفوان، حدّثنا محمّد بن سهل العطّار، حدّثنا أبو ذكوان، حدّثني حرب بن بيان الضرير من أهل قبسارية، حدّثني أحمد بن عمرو، حدّثنا أحمد بن عبدالله، عن عبيدالله بن عمرو، عن عبدالكريم الجزري، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: خلق الله قضيباً من نور قبل أن يخلق الدنيا بأربعين ألف عام، فجعله أمام العرش، حتّى كان أول مبعثي، فشق منه نصفاً، فخلق منه نبيّكم، والنصف الآخر عليّ بن أبي طالب.
قلت: هكذا أخرجه إمام أهل الشام عن إمام أهل العراق، كما سقناه، وهو في كتابيهما»(2).
(1) تذكرة خواص الاُمة: 46.
(2) كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب: 314.