هم أعلامٌ لكافّة الناس
ثم إن «أعلام التقى» ظاهر في الإطلاق، فهم لشيعتهم ولجميع المسلمين وكلّ من أراد «التقى» «أعلامٌ»، بل ما قصدهم قاصدٌ إلاّ ونال شرف الهداية والنجاة، وحياتهم الكريمة حافلةٌ بمشاهد جليلة من هذا القبيل.
وبالمناسبة ننقل قصّة ظريفة عن والدي المرحوم أعلى الله مقامه ـ وأوردها أيضاً في بعض مدوّناته ـ قال:
كان أحد عبدة الأوثان في الهند قد وقع في مشكلة لم تنفع كلّ السبل للنجاة منها، ولم تسعفه أمواله الطائلة، حتى أرشده شخص إلى أحدِ علماء الشيعة الكبار وهو من السّادة الأجلاّء في الهند. فذهب إلى العالم وقصَّ عليه مشكلته، فما كان من السيد إلاّ أن فكّر في نفسه قائلا: صحيح أن هذا الرجل من عبدة الأوثان، لكنَّ الامام صاحب العصر والزمان واسطة الفيض الإلهي لجميع الخلق ومنهم هذا الرجل، فهو من رعيّة الإمام وعيالاته، فأيّ مانع يمنعه من أن تشمله عناياته، لذلك أرشده إلى أن يرتدي ملابس طاهرة وعلمّه بعض الأُمور وأمره أن يذهب في يوم الجمعة مبكّراً إلى قبور المسلمين الشيعة وينادي هناك:
يا مهدى يا مهدي، يا أبا صالح… .
وبينما أخذ الرجل بالنداء والاستغاثة، جاءه رجل وقال له: ماذا تريد؟ وما هي مشكلتك؟
فقصّ عليه مشكلته، وأنه قد وُجَّهت له تهمة جنائية سيحكم عليه من جرّائها بالإعدام وغرامة مالية باهضة جدّاً. فأجابه ذلك الرجل: إذهب فقد انحلّت مشكلتك.
وفي يوم انعقاد المحكمة برئاسة نفس القاضي الذي كان قد قرّر الحكم عليه، إذا به يعلن عن براءة الرجل.
وقد كانت هذه الحادثة السّبب لهدايته وجماعة معه.
والتاريخ يذكر الكثير من قبيل هذه القضيّة قد وقعت وكان حلاّلها أهل البيت عليهم السّلام، حتى بلغ الأمر إلى حدٍّ كان يراجعهم ألدّ أعدائهم من بني اُمية وبني العباس، فكانوا يحلّون لهم مشاكلهم.
فهل ترى مجالاً للمقارنة والمقايسة بينهم وبين من ناواهم؟
ألم يرد في الحديث:
لا يقاس بآل محمّد أحد(1).
(1) نهج البلاغة: 47، الاختصاص: 12 وغيرهما.