موجز الكلام على حديث أصحابي كالنجوم
إلا أنّ ما يدعو للاستغراب هو أن يدّعي جماعة من أهل السنّة صدور حديث عن النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله جعلوه محوراً هامّاً في اعتقاداتهم وأعطوه أهميّة بالغة، إذ يروون عنه أنه قال: «أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم»(1).
ونحاول بدورنا تسليط الضوء بدراسة نقديّة مختصره لهذا المدّعى، فنقول:
لا يخفى اهتداء الماضين بالنجوم عند قطعهم الطرق في الصحاري والبحار، وهذا الأمر أكّده القرآن الكريم بقوله تعالى:
(وَعَلامات وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ)(2).
فلو افترضنا صحة صدور الحديث عن نبيّنا محمّد صلّى الله عليه وآله، فيكون الصّحابة كلّهم حينئذ نجوماً دالّة وهادية إلى الطريق، فلنا أن نتسائل: هل قصد النبي صلّى الله عليه وآله جميع النجوم، ليصبح جميع الصحابة أدلاّء يُقتدى بهم؟
إن واقع الحال لا يَقِرّ بكون جميع النجوم كعلامات، بل هناك نجوم خاصّة يتم الإهتداء بها. فكيف سيصبح والحال هذه كلّ صحابي نجماً هادياً، وطرقهم ومساراتهم لا تنتهي إلى غاية واحدة وهدف مشترك؟
وعلى ضوء التناقضات الموجودة في سلوكيّات الصحابة، والخلافات والتقاطعات الثابتة بينهم، فإننا نقطع بأحد أمرين: اِمّا أن يكون الحديث مختلقاً وكذباً من الأساس، أو أن المراد بالصّحابة هم الأئمّة المعصومون عليهم السّلام.
وممّا يعضد كلامنا باختلاق الحديث هو الاستقراء الحاصل لآراء علماء السنّة تجاه هذا الحديث منذ زمن أحمد بن حنبل، فإنّ أكثر من ثلاثين علماً من أعلامهم يصرّحون بكذب هذا الحديث أو ضعفه، فإذا انتفى هذا الأمر، فما علينا إلاّ أن نذعن للأمر الثاني الذي يعطي الحديث معنىً مقصوداً، ألا وهم الأئمّة الإثنا عشر عليهم السّلام، الذين لا يهدون إلاّ إلى طريق واحد، كما حكى ذلك إمامنا جعفر بن محمّد الصّادق عليه السّلام بقوله: «حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدّي، وحديث جدّي حديث الحسين، وحديث الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله، و حديث رسول الله قول الله عزّ وجلّ(3).
من خلال هذا الحديث يثبت بالبرهان المعنى المقصود من حديث أصحابي كالنجوم. لأن العلامات متعدّدة إلاّ أن الهدف واحد.
فالأئمّة الطاهرون عليهم السّلام هم صراط الله تعالى، لرجوع كلّ ما يصدر عنهم إلى مصدر واحد، فلا إثنينية ولا تعدّدية في الأهداف، فصراطهم واحد وغايته واحدة وهو الله جلّ جلاله. وهو ما نطلبه ونرجوه في صلواتنا إذ نقول:
(اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقيمَ)(4).
(1) ميزان الإعتدال 1 / 83 .
(2) سورة النحل، الآية: 16.
(3) الكافي 1 / 53، الارشاد 2 / 186، بحار الأنوار 2 / 179.
(4) سورة الحمد، الآية: 5.