مقام الصالحين
واستناداً للرواية المذكورة عن الإمام الباقر إذْ قال: «لا تكونوا صالحين حتى تعرفوا»، يمكننا أن نعرف مقام الصالحين الذي يطمع الأنبياء ويتضرّعون إلى ربّهم ويدعونه لأن يرفعهم إليه ويوصلهم إلى مصافّ الصالحين، فيقول سيّدنا إبراهيم عليه السّلام:
(رَبِّ هَبْ لي حُكْمًا وَأَلْحِقْني بِالصّالِحينَ)(1).
ويقول يوسف عليه السّلام:
(تَوَفَّني مُسْلِمًا وَأَلْحِقْني بِالصّالِحينَ)(2)؟
إنّ هاتين الآيتين وغيرهما من الآيات والرّوايات تدلّ على عظمة مقام الصّالحين وجلالته، بحيث يدعو الأنبياء والأولياء ويطلبون الوصول إليه، والرواية أفادت أنّه لا يكون أحدٌ من الصّالحين إلاّ بالمعرفة، فكانت المعرفة شرطاً لبلوغ هذا المقام.
ولكنّا قد علمنا ـ ممّا تقدّم على ضوء الروايات المعتبرة ـ أن لزيارة النّبي وآله المعصومين دخلاً في حصول المعرفة، وأنها تتدرج من زيارتهم والخضوع لهم والتوسّل بهم.
فظهر أنّ لزيارة أهل العصمة دوراً في الوصول إلى مقام الصّالحين.
ولعلّه يشهد بذلك، ما ورد في زيارة الأنبياء للحسين عليه السّلام، كما في الخبر عن إسحاق بن عمار قال: سمعت أبا عبدالله عليه السّلام يقول: ليس نبيّ في السماوات إلاّ ويسأل الله تعالى أنْ يأذن لهم في زيارة الحسين، ففوج ينزل وفوج يصعد»(3).
بل إنّ للنبيّ والأئمّة عليهم السّلام دخلاً في كلّ شيء، ولنقرأ هذه الرواية التي رواها الشيخ الكليني في الكافي في أبواب معرفة الإمام عليه السّلام عن الإمام الصادق عليه السّلام قال:
«أبى الله أن يجري الأشياء إلاّ بأسباب، فجعل لكلّ شيء سبباً، وجعل لكلّ سبب شرحاً، وجعل لكلّ شرح علماً، وجعل لكلّ علم باباً ناطقاً، عرفه مَن عرفه، وجهله مَن جهله، ذاك رسول الله صلّى الله عليه وآله ونحن»(4).
(1) سورة الشعراء، الآية: 83 .
(2) سورة يوسف، الآية: 101.
(3) كامل الزيارات: 220 / الباب 38.
(4) الكافي 1 / 183.