معرفة الله و طاعته بالأئمّة
1 ـ إن طريق معرفة الله تعالى والعبودية له وطاعته وعبادته منحصر في الأئمّة المعصومين من أهل البيت عليهم السّلام فحسب.
وكلّ معرفة لم تخرج من بيوتهم ليست بمعرفة، وكلّ عمل عبادي لم يكونوا مصدره لا قيمة له ولا أثر، وكلّ من ارتقى سلّم الدرجات العالية في الطاعة والعبادة، وحاز على موقع القبول عند الباري تعالى، فهو ببركتهم وعنايتهم وتأييدهم.
2 ـ إنه لولا وجودهم المبارك عليهم السّلام، وما أفاضوه من علوم وبركات، لما كان هناك شيء يذكر في الوجود، خلقاً كان أو علماً كان أو عملاً أو… لأن من أجلهم خلق الله تعالى الخلق، وعن طريقهم ومن خلالهم هدى الله من اهتدى، ولا يمكن أن يكون هناك خير لم يصدر عنهم.
لذا، فإن الخير ومن اتصف به ـ قليله أو كثيره ـ قائم بهم وهم دعامته ومرجعه ومبدؤه ومنتهاه، فهم الذين خيّروا الخير فيمن اتصف به، لأنّ كلّ ما في مائدة الوجود من خير فهو قائم بهم، وهم القِوام له.
فإذا ما عرض لنا شك في خيرية أو شريّة شيء مّا، فبنورهم يرفع الشك وبقولهم يحسم الأمر، لأن خيريّة الأخيار وكلّ خير فهو متقوّم بأهل البيت عليهم السّلام، ومن يطلب ذلك من غيرهم فهو حاطب ليل.
وأين نجد غيرهم من عنده هذا المقام الرفيع؟
ولم تنفرد الزيارة الجامعة بحتميّة هذه الحقيقة، بل نطق به القرآن الكريم والسنّة الشريفة التي من ضمنها سيرتهم العمليّة في كلّ لحظات حياتهم الطيّبة المباركة التي أرادها الله لهم، حتى يرث الأرض ومن عليها، فلا محيص من الاستناد إليهم والاتصال بهم والأخذ عنهم لمن أراد أن يكون من أهل الخير، ولا يوجد هذا الخير ـ جلّهُ أو نزره ـ في أيّ مذهب أو فكر أو أمّة لا تمّت بصلة مع هؤلاء الأئمّة العظام، وهو أمر يتطلّب تفصيله بحوثاً عميقة مطوّلة.
ولقد ثبت ـ تاريخيّاً ـ أنهم عليهم السّلام أصل كلّ فرع من فروع الخير أينما وُجِدَ، وما لم يكن ذا صلة بهم فهو أبتر، وهل يوجد الخير في الأبتر؟ ولا عجب في ذلك ولا مغالاة، لأن الله تبارك وتعالى أرادهم هكذا وأدّبهم فكانوا كما أراد وأحبّ.
جاء في الكافي عن أبي عبدالله عليه السّلام ما نصّه:
«إن الله عزّ وجلّ أدّب نبيّه على محبّته فقال: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُق عَظيم)(1) ثم فوّض إليه فقال: (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)(2) وقال عزّ وجلّ: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللّهَ)(3).
ثم قال:
وإن نبي الله فوّض إلى عليٍّ وائتمنه، فسلّمتم وجحد الناس. فوالله لنحبّكم أن تقولوا إذا قلنا، وأن تصمتوا إذا صمتنا، ونحن فيما بينكم وبين الله عزّ وجلّ. ما جعل الله لأحد خيراً في خلاف أمرنا»(4).
ولك أن تتمعّن في محلّ الشاهد من كلامه، وهو قوله عليه السّلام: «ما جعل الله لأحد خيراً في خلاف أمرنا»، فقد جاءت كلمة «خيراً» نكرةً في سياق النفي، لتدلّ على عدم وجود أقلّ قليل من الخير في خلاف أمرهم…!
إنّ الخير كلّه في محبّتهم وموالاتهم واتّباعهم، ولا خير إلاّ عندهم ومنهم، ولا شيء من الخير عند غيرهم، حتى أنّ أهل السنّة يروون بأسانيدهم عن رسول الله صلّى الله عليه وآله قوله:
«لو أنّ عبداً عبدالله بين الركن والمقام ألف عام ثم ألف عام ولم يقبل بمحبّتنا أهل البيت، لأكبّه الله على منخره في النار»(5).
أي: إن تلك الأعمال لا تقبل منه، فهو كمن لم يعمل وعصى الله في ما أمره ونهى عنه، ومن كان هذا حاله فإنّ الله يكبّه على منخره في النار… .
وبما ذكرنا ظهر معنى كونهم دعائم الأخيار.
(1) سورة القلم، الآية: 4.
(2) سورة الحشر، الآية: 7.
(3) سورة النساء، الآية: 80 .
(4) الكافي 1 / 265.
(5) تاريخ مدينة دمشق 42 / 66، كفاية الطالب: 317، شواهد التنزيل 1 / 553، شرف النبي: 261.