معرفة الأئمّة روائياً
ورغم معرفتنا للأئمة الأطهار عليهم السّلام ـ كلٌّ مِنّا بمقدار وسعه الفكري وفهمه وإدراكه ـ إلاّ أن هذا الأمر قد حاز على أهميّة وتأكيدات خاصّة، فيما ورد من روايات في معرفة الأئمّة. ففي الكافي:
قال زرارة: «قلت لأبي جعفر عليه السّلام: أخبرني عن معرفة الإمام منكم واجبة على جميع الخلق؟
فقال عليه السّلام:
إنّ الله عزّ وجلّ بعث محمّداً صلّى الله عليه وآله إلى الناس أجمعين رسولاً وحجةً لله على جميع خلقه في أرضه، فمن آمن بالله وبمحمّد رسول الله واتَّبَعَهُ وصدَّقه، فإنّ معرفة الإمام منّا واجبة عليه»(1).
فلمّا كان هذا التأكيد على أن معرفة الإمام واجبة على كلّ واحد منّا، تعيّن علينا طلبها، وإذا كانت لدينا تلك المعرفة وجب علينا إستزادتها. ولمّا كانت الزيارة تستتبع المعرفة، فلابُد ـ حينئذ ـ من الالتزام بهذه الزيارات وخاصّة المأثورة منها عنهم، لأنها بمثابة المقدّمة لهذا الأمر الواجب.
وعن جابر، قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:
«إنما يعرف الله عزّ وجلّ ويعبده من عرف الله وعرف إمامه منّا أهل البيت. ومن لا يعرف الله عزّ وجلّ ولا يعرف الإمام منّا أهل البيت، فإنما يعرف ويعبد غير الله»(2).
وحسب هذه الرواية اللّطيفة، اِنْ لم تكن هناك معرفة بالأئمّة، فستكون العبادة لغير الله. من هنا تجب معرفة الأئمّة لكي تتحقق عبادة الله تعالى. ولما كانت الزيارة مقدّمة للمعرفة وتكرارها زيادة في هذه المعرفة، وجب علينا زيارة الأئمّة عليهم الصّلاة والسّلام.
ولعلّه على هذا الأساس، أفتى فقهاؤنا أن زيارة سيدالشهداء الحسين عليه السّلام واجبة للمستطيع ولو مرّة واحدة في العمر. ولذلك نجدهم لم يمنعوا من زيارة الأئمّة والذهاب إلى كربلاء في الأزمنة السّابقة، رغم مشقة المسير وخطورة الطريق، بل شجّعوا على هذا الأمر ودعوا إليه، لأن في ذلك زيادة في معرفة الإمام التي هي عين عبادة الله تعالى. وقد أورد الشيخ الجليل إبن قولويه في كتاب كامل الزيارات روايات كثيرة في هذا الباب.
وفيما يخصّ هذه المعرفة، نقرأ رواية اخرى عن الإمام الباقر عليه السّلام يقول فيها: «إنكم لا تكونوا صالحين حتى تعرفوا، ولا تعرفوا حتى تصدّقوا، ولا تصدّقوا حتى تسلّموا»(3).
ومن الجدير بالذكر: ورود هذا المعنى في كتب أهل السنّة بطرقهم، فقد روى الحافظ الطبراني بسنده عن الإمام الحسن السبط عليه السّلام عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنه قال: والذي نفسي بيده لا ينفع عبد عمله إلاّ بمعرفة حقّنا(4).
(1) الكافي 1 / 181.
(2) الكافي 1 / 181.
(3) الكافي 1 / 182.
(4) المعجم الأوسط 3 / 122.