محبّة الأئمّة لله غير معلَّلة
ولقد كانت محبّة الأئمّة لله غير معلّلة، وقد امتلأت قلوبهم بمحبّته ووصلت حدّ التمام ولم يبق فيها مجالٌ لشيء آخر… .
لقد كانت محبّتهم له كعبادتهم له، إذ قال أمير المؤمنين عليه السّلام:
ما عبدتك خوفاً من نارك ولا طمعاً في جنّتك، بل وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك(1).
لقد أخذ حبّ الله بمجامع قلوبهم حتى قال الإمام السجّاد زين العابدين:
… إلهي وسيّدي، وعزّتك وجلالك… لئن أدخلتني النار لاُخبرنّ أهل النار بحبّي لك…(2).
وقال عليه السّلام:
«إلهي، لو قرنتني بالأصفاد، ومنعتني سيبك من بين الأشهاد، ودللت على فضائحي عيون العباد، وأمرت بي إلى النار، وحُلت بيني وبين الأبرار، ما قطعت رجائي منك، وما صرفت تأميلي للعفو عنك، ولا خرج حبّك من قلبي»(3).
ثمّ إنّ محبّة سائر الناس لله إنما تعطي ثمرها ويظهر أثرها ـ وهو الزّلفى لديه والقرب منه ـ بالعمل على كسب رضاه وإيثاره على هواه، وبالمداومة على تعظيمه وعبادته، والاستيناس بذكره، فإنّ المحبّة أشبه شيء بالسّلم في الوصول إلى المحبوب، فمن أراد ذلك وجب عليه أن يرتقي الدرجات ويتقدّم شيئاً فشيئاً حتى يصل إلى المرتبة التي تليق بحاله من القرب الإلهي.
(1) بحار الأنوار 67 / 176.
(2) الإقبال: 75، البلد الأمين: 212.
(3) مصباح المتهجّد: 591، إقبال الأعمال 1 / 167.