ما هو الغرض من الزيارة؟
من خلال معنى الزيارة الذي أوضحناه آنفاً، يتوضح الغرض الديني والحكمة من تشريع من زيارة الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله والأئمّة المعصومين عليهم السّلام، وما تستلزمه من مشقة السفر إليهم، وبذل الأموال وصرف الأوقات. ويتبين أيضاً السرّ من كلّ هذا التأكيد على زيارتهم، خاصّة زيارة سيدالشهداء أبي عبدالله الحسين في كربلاء، والإمام عليّ بن موسى الرضا في ايران.
إننا لا نولي اهتماماً لتخرصات وترّهات الوهابيّة في مسألة زيارة القبور والتوسّل بالنّبي وآله والأولياء الأبرار، رغم أننا ـ ومن خلال عرضنا للبحوث القادمة ـ سنردّ عليها، إلاّ أن بحوثنا ستتركز حول ما جاء عن أئمتنا عليهم السّلام في هذا المجال.
فالهدف من هذه الزيارات هو التوجّه إلى الرسول وآل بيته ـ عليهم السّلام ـ والحضور في ساحاتهم المقدّسة حضوراً قلبياً، والإقرار لهم بالسّير على نهجهم وإلتزام خطّهم، والعدول والإعراض عن سبل ومناهج غيرهم. وهذا في حدّ ذاته زيارة لله تعالى ووقف النفس لخدمته سبحانه والقصد إليه وحده لا شريك له، وهو ما يستبطن العدول عن غيره. وهذا المعنى جليٌّ جدّاً في أدبيات آداب الزيارة للمراقد الطاهرة لأهل البيت ـ عليهم السّلام ـ والواردة في كتب الأدعية والزيارات كقول الزائر مخاطباً ربّه جلّ وعلا:
«اللهم إنك أكرم مقصود، وأكرم مأتيٍّ، وقد أتيتك متقرّباً إليك بابن بنتِ نبيّك»(1).
ويؤيد ما قلناه بشكل أوضح، العبارة التالية التي وردت في طلب إذن الدخول للمراقد الطاهرة:
«الحمد لله الذي منَّ علينا بحكّام يقومون مقامه لو كان حاضراً في المكان»(2).
وهذا هو الهدف المرجو.
(1) بحار الأنوار 99 / 14.
(2) بحار الأنوار 99 / 115.