ما المقصود «بأمر الله»؟
ويفسّر الأمر ـ من خلال الكتب اللّغوية والعلميّة ـ بمعنيين:
1 ـ الأمر الذي يقابل النهي.
2 ـ الإرادة.
فكونهم عليهم السّلام «المستقرّين في أمر الله» على المعنى الأوّل، هو أنهم مطيعون لأحكامه ومسلّمون لأوامره ونواهيه، فهم ثابتون على الطاعة والعبودية له، فلا يخالفون ولا يزيدون ولا ينقصون، فهم ثابتون على أوامر الله وكذا نواهيه، كما لو قيل عن زيد: إنه ثابت في أمر والده، فإن المقصود كونه مسلّماً تمام التسليم والاستسلام أمام والده في أوامره ونواهيه، لا يتوانى في تنفيذها كاملةً عن طوع ورغبة.
إلاّ أن هذا المعنى في الأئمّة عليهم السّلام أسمى من ذلك; كما سيأتي توضيحه تفصيلاً في شرح «والمظهرين لأمر الله ونهيه» إن شاء الله عزّ وجلّ.
لكنّ ما يستدعي الدقّة في جملة «والمستقرّين في أمر الله» هو تعدية مادّة الاستقرار بـ«في» الموضوعة في اللغة للظرفية، فالأئمّة مستقرّون في أمر الله، لا يزولون عنه ولا يتحوّلون، وهذا يقتضي أن يكون المراد هو المعنى الثاني للأمر أعني: الإرادة، فيكون المعنى: إنّ الأئمّة ثابتون في إرادة الله. وبعبارة اُخرى: هم مظاهر الإرادة الربّانيّة، فكأنّ إرادته سبحانه ظرفٌ والأئمّة مستقرّون في هذا الظرف; ثابتون فيه ولا ينفكّون عنه. وحاصل ذلك: محو إرادتهم في الإرادة الربّانية، وأنّهم لا يشاءون إلاّ ما شاء الله… وأين هذا المعنى من ذاك!
وقد تكرّر ذكر هذا المفهوم في الزيارة الجامعة، فسيأتي فيها: «العاملون بإرادته».
كما ورد في غير واحد من الأدعية والزيارات المأثورة عنهم، كالزيارة الرجبيّة، إذ جاء فيها:
«إرادة الربّ في مقادير أُموره تهبط إليكم وتصدر من بيوتكم(1).
وفي زيارة الإمام الحجة عليه السّلام، نقول:
«ودليل إرادته»(2).
(1) الكافي 4 / 577.
(2) المزار لابن المشهدي: 569، بحار الأنوار 91 / 2.