لماذا كلّ هذا التأكيد على الزيارات؟
وبما ذكرنا يظهر الجواب عمّا لو طرح السؤال فيما يخصّ زيارة النبي والأئمّة الأطهار، وخاصّة الإمام الحسين عليه السّلام، بأنه لماذا هذا التأكيد على زيارته عليه السّلام في المراسم والمناسبات المختلفة وفي كلّ ليلة جمعة؟
وما هو السرّ في الحثّ على تكرار ذلك؟
وما الهدف من الذهاب إلى كربلاء؟
لأنّه إذا زار الإمام مرّة حصل له التوجه والارتباط به والعدول عن غيره بقدرها، فإذا ما تكررت الزيارة فستنشأ في الزائر ملكة نفسانية وتتأصّل في قرارة نفسه حقيقة واقعية ـ شاء أم أبى ـ تجعله مريداً لله ولحججه الأئمّة الأطهار معرضاً عن غيرهم بالكليّة.
بعبارة أخرى، تنمو في الزائر ـ بفعل الزيارة ـ سلوكية الإنقطاع عن الغير، وتتكرّس هذه السلوكيّة بتكرار الزيارة حتى يتمحّض محضاً، ليصل إلى درجة لا يلهيه فيها أي مال ولا يشغله أي جاه ولا تخيفه أيّة قوة مهما بلغت.
أجل، فالإنسان بحاجة إلى هذه الدرجة من الإيمان; نظراً لما يحيط به من مخاطر تهدّده بالعدول ـ ولو عدول وقتي ـ قد يعتريه حيال أدنى خوف من أحد، أو طمع بمغريات الحياة أو تبهره هيبة الوجاهات فتقلّل من ارتباطه وميله لإمامه ووليّه.
إذن، فتكرار الزيارة والمداومة عليها والحضور عند النبيّ والأئمّة المعصومين ـ عليهم السّلام ـ سيوجد في الزائر حالة من الإنقطاع إلى المولى المعصوم، والإنقطاع عن غيره، وقد عرفنا أن هذه الحالة مع الإمام هي في الحقيقة مع الله ورسوله، وإذا ما صار هذا الإنقطاع مستقرّاً في نفسه، فستحلّ فيه حالة الإطمئنان وما أعظمها من درجة! حيث سيكون من شأن هذا الإطمئنان أن يمنحه مناعة قويّة تحول بينه وبين العدول عن الله ورسوله وأئمّته الطاهرين والإنحراف عن ولايتهم.
Menu