كلّ النعم بواسطتهم
وعلى الجملة، فإنّ جميع النعم التي أنعم الله بها على العباد، فإنما هي بواسطة محمّد وأهل بيته عليهم الصّلاة والسّلام، وهذا من جملة منازلهم عند الله عزّ وجلّ، والأدلّة على ذلك من النقل والعقل كثيرة، وهذا ما يعبّر عنه بالولاية التكوينيّة، وسنشرحها في الموضع المناسب إن شاء الله.
وقد جاء في الآثار ما يدلُّ على أن ذلك كان ممّا يعتقد به أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله أيضاً، فقد روى كبار الحفّاظ من أهل السنّة عن عمر بن الخطّاب ما هو صريح في هذا المعنى، في قضية له مع أبي عبدالله الحسين الشهيد عليه الصّلاة والسّلام… .
لقد روى الحافظ الذهبي قائلاً: حماد بن زيد: حدّثنا يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عبيد بن حنين عن الحسين.
قال: صعدت المنبر إلى عمر فقلت: إنزل عن منبر أبي واذهب إلى منبر أبيك.
فقال: إن أبي لم يكن له منبر.
فأقعدني معه.
فلما نزل قال: أي بنيّ، من علّمك هذا؟
قلت: ما علّمنيه أحد.
قال: أيْ بنيّ، وهل أنبت على رؤوسنا الشعر إلاّ الله ثم أنتم؟ ووضع يده على رأسه.
وقال: أيْ بني، لو جعلت تأتينا وتغشانا.
(قال الذهبي): إسناده صحيح(1).
وقد صحّحه الحافظ ابن حجر أيضاً(2).
وإنّ جميع ما بأيدي كلّ إنسان ممّا يستخدمه في سبيل مصالحه ولحسن حاله، إنّما يكون «نعمةً» له إذا كان من «أهل الولاية» للأولياء الأطهار محمّد وأهل بيته، وإلاّ فسيكون «نقمةً» عليه، كما قال تعالى:
(فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبينَ)(3).
(1) سير أعلام النبلاء 3 / 285.
(2) الاصابة 2 / 77 ـ 78.
(3) سورة الزخرف، الآية: 25.