كلمة المؤلّف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمد وآله الطّاهرين المعصومين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين من الأوّلين والآخرين.
وبعد:
فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وآله ـ في الحديث المتّفق عليه ـ : من مات ولم يعرف إمام زمانه فقد مات ميتة جاهليّة… .
وإنّ أفضل الطّرق لمعرفة أحوال الشّخص هو دراسة سلوكه وأقواله إنْ كان صادقاً فيما يفعل ويقول… .
وإنّ الأئمّة الطّاهرين المعصومين صلوات الله عليهم أخبر من غيرهم بأنفسهم، وهم أصدق من حدّث عن خصائصهم ومنازلهم ومعالم شخصيّاتهم.
وإن التأمّل والتدبّر في زياراتهم الواردة عنهم صلوات الله عليهم معين غنيّ يوفّر لنا الفهم الأوسع لمقاماتهم وصفاتهم.
ولعلّ الزيارة الجامعة الكبيرة التي علّمها الإمام علي الهادي صلوات الله عليه للشيعة، أجمع ما ورد عنهم في بيان مقاماتهم السّامية ومنازلهم الرفيعة، ولذلك، اهتمّ بها علماؤنا الكبار قدّس الله أنفسهم عبر العصور تلاوةً وتدريساً وشرحاً.
وقد طلب منّي ثلّة من الفضلاء الأعزاء شرح هذه الزيارة المباركة المرويّة بإسناد موثوق به، لكثرة فوائدها في باب معرفة الإمامة والإمام، وحاجة الناس إليها في عصر ظهر فيه أفراد يشكّكون في مراتب الأئمّة الطّاهرين وعلوّ مقامهم، عن قصور منهم لإدراكها أو تقصير وتعمّد.
فانتهزت فرص العطلة في الحوزة العلميّة، وشرحت تلك الزيارة الشريفة بالاستعانة بآيات الكتاب الكريم، وبما روي عنهم صلوات الله عليهم في كتب التفسير والحديث والفقه، كما أوردت بالمناسبة كثيراً من أحاديث الجمهور المتعلّقة بالموضوع.
ووضعت للبحث مدخلاً تعرّضت فيه لجملة من المسائل الضروريّة، ثم قسّمت الزيارة إلى أقسام حسب المحاور الواردة فيه.
وبهذه المناسبة، ندعوا الباحثين عن مثل هذه الأُمور الجليلة، في حوزاتنا العلميّة وخارجها، إلى اعتماد منهج فهم المعصومين وما يتعلّق بهم صلوات الله عليهم من خلال كلماتهم النورانيّة ومراجعة سلوكهم الربّاني، والابتعاد عن التفسير بالرأي والترجيح بالظنون.
والله أسأل أن يعرّفنا نفسه عزّ وجلّ ويعرّفنا نبيّه صلّى الله عليه وآله والأئمّة المعصومين من بعده، وأن يجعل هذا الكتاب وسيلةً لثبات أقدام المؤمنين ولهداية من كان أهلاً لها إلى الحق المبين، والحمد لله ربّ العالمين.
عليّ الحسينيّ الميلانيّ
1432