في رواياتنا
وقد روى هذا الحديث جماعة كبيرة من كبار علمائنا الإماميّة في كتب الحديث والفضائل، نذكر فيما يلي بعض الروايات:
روى الكليني:
«أحمد بن إدريس، عن الحسين بن عبدالله الصغير، عن محمّد بن إبراهيم الجعفري، عن أحمد بن عليّ بن محمّد بن عبدالله بن عمر بن عليّ بن أبي طالب، عن أبي عبدالله عليه السّلام قال: إنّ الله كان إذ لا كان، فخلق الكان والمكان، وخلق نور الأنوار الذي نورّت منه الأنوار، وأجرى فيه من نوره الذي نُوّرت منه الأنوار، وهو النور الذي خلق منه محمّداً وعليّاً، فلم يزالا نورين أوّلين إذ لا شيء كُوّن قبلهما، فلم يزالا يجريان طاهرين مُطهّرين في الأصلاب الطاهرة، حتّى افترقا في أطهر طاهرين عبدالله وأبي طالب»(1).
وروى بإسناده عن جابر بن يزيد قال:
«قال لي أبو جعفر: يا جابر: إنّ الله أوّل ما خلق، محمّداً وعترته الهداة المهتدين، فكانوا أشباح نور بين يدي الله.
قلت: وما الأشباح؟
قال: ظلّ النور، أبدان نورانيّة بلا أرواح، وكان مؤيّداً بروح واحدة، وهي روح القدس، فيه كان يعبدُ الله وعترته، ولذلك خلقهم حُلماء، عُلماء، بررة أصفياء يعبدون الله بالصّلاة والصوم والسجود والتسبيح والتهليل، ويصلّون الصّلاة ويحجّون ويصومون»(2).
وبإسناده عن أبي عبدالله عليه السّلام قال:
«قال الله تبارك وتعالى: يا محمّد، إنّي خلقتُك وعلياً نوراً ـ يعني روحاً بلا بدن ـ قبل أن أَخلُق سماواتي وأرضي وعرشي وبحري، فلم تزل تُهلّلني وتمجّدني، ثمّ جمعت روحيكما فجعلتهما واحدة، فكانت تمجّدني وتقدّسني وتهلّلني، ثمّ قسمتها ثنتين، وقسمت الثنتين ثنتين فصارت أربعة، محمّد واحد، وعلي واحد، والحسن والحسين ثنتان، ثمّ خلق الله فاطمة من نور ابتدأها روحاً بلا بدن، ثمّ مسحنا بيمينه فأفضى نوره فينا»(3).
وبإسناده عن المفضل بن عمر، قال:
«قلت لأبي عبدالله عليه السّلام: كيف كنتم حيث كنتم في الأظلّة؟
فقال: يا مفضّل، كنّا عند ربّنا ليس عنده أحد غيرنا، في ظلة خضراء، نُسبّحه ونقدّسه ونهلّله ونمجّده، وما من ملك مُقرّب ولا ذي روح غيرنا حتّى بدا له في خلق الأشياء، فخلق ما شاء كيف شاء من الملائكة وغيرهم، ثمّ أنهى عِلمَ ذلك إلينا»(4).
وبإسناده عن محمّد بن سنان، قال:
«كنت عند أبي جعفر الثاني فأجريت اختلاف الشيعة، فقال: يا محمّد إنّ الله تبارك وتعالى لم يزل متفرّداً بوحدانيّته، ثمّ خلق محمّداً وعليّاً وفاطمة فمكثوا ألف دهر، ثمّ خلق جميع الأشياء فأشهدهم خلقها وأجرى طاعتهم عليها وفوّض أُمورها إليهم، فهم يُحلّون ما يشاؤون ويحرّمون ما يشاؤون، ولن يشاؤوا إلاّ أن يشاء الله تبارك وتعالى.
ثمّ قال: يا محمّد، هذه الدّيانة التي من تقدّمها مرق، ومن تخلّف عنها مَحقَ، ومن لزمها لحقَ، خُذها إليك يا محمّد»(5).
(1) الكافي 1 / 441.
(2) الكافي 1 / 442.
(3) المصدر 1 / 440.
(4) المصدر 1 / 441.
(5) الكافي 1 / 441.