طرق إظهارهم أحكام الله
فالأئمّة هم المظهرون للأحكام الشرعيّة، ومنهم يجب أن يؤخذ وإليهم يجب أنْ يرجع فيها كما يرجع في غيرها، فإنهم هم المصدر لكلّ الحقائق الدينيّة: قال أبو عبدالله الصّادق عليه السّلام لسلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة:
شرّقا أو غرّبا، فلا تجدان علماً صحيحاً إلاّ شيئاً صحيحاً خرج من عندنا أهل البيت(1).
فالأئمّة هم الواسطة بين الله ورسوله والاُمّة الإسلاميّة في الأحكام الإلهيّة، من الحلال والحرام وغيرهما من الأحكام، لوضوح أن خفاء الشيخ لا يرتفع إلاّ برفع الستار عنه والإطّلاع عليه، فالأوامر والنواهي الإلهيّة يتحقّق الكشف عنها والتعرف عليها بالأئمّة وهم المظهرون لها.
إنّه وإنْ كانت اُصول الأحكام موجودةً في الكتاب والسنّة، إلاّ أنّ الأئمّة عليهم السّلام هم المنصوبون لتبيين مجملاتها وتقييد مطلقاتها، وقد قاموا بدورهم في هذا الباب خير قيام، وأخذت الاُمّة منهم الأحكام بطرق:
أحدها: بالسّماع منهم مباشرةً، فقد علّموا الناس آحاداً أو جماعات، وعقدوا جلسات الدّرس، وبيّنوا الأحكام إمّا ابتداءً وإمّا جواباً على السؤال. ومن الأحكام ما بيّنوه مكتوباً في جواب المكاتبات، حيث أن بعض الرّواة لم يمكنهم الحضور عند الإمام والسؤال منه مباشرةً، فكانوا يكتبون الأسئلة وتأتيهم الأحكام في أجوبة الإمام عليه السّلام.
والثاني: بالإقتداء بأعمالهم، فكم من تكليف من التكاليف الشرعيّة علّموه للناس عملاً؟ فكانوا كجدّهم رسول الله صلّى الله عليه وآله القائل:
صلّوا كما رأيتموني اُصلّي(2).
والثالث: بالنظر إلى تقريرهم للعمل الواقع في حضورهم وبمشهد منهم، مع قدرتهم على الرّدع عنه، ففي هذه الحالة يكون العمل الذي قرّره حكماً من الأحكام الإلهيّة.
فالأئمّة عليهم السّلام بلّغوا أمر الله ونهيه بأقوالهم وأفعالهم وبتقريرهم، ولذا كانت «السنّة» في الشريعة الإسلاميّة: قول وفعل وتقرير المعصوم.
(1) وسائل الشيعة 18 / 26.
(2) بحار الأنوار 82 / 279، عوالي اللئالي 3 / 85 .