شبهة واهية
وبناءً على ما تمّ بيانه، فإن زيارة الأئمّة الأطهار ـ عليهم السّلام ـ هي زيارة «حقيقيّة» لله تعالى، ولا مجال لإعتبارها زيارة مجازية البتة. لكن أحد المعاصرين ادّعى ـ في كلام له نُشِرَ في إِحدى المجلاّت ـ : «إن زيارة الأئمّة ومحبتهم أو عشقهم ـ حسب تعبيره ـ هو عشق مجازي وليس حقيقياً، لأنّ العشق الحقيقي لله تعالى ولا غير».
وهو ادّعاءٌ يخالف كلّ ما بين أيدينا من الروايات والأدلّة الواضحة الدّلالة والمنادية بأعلى صوتها بأن زيارة الإمام الحسين، والإمام عليّ بن موسى الرّضا وغيرهما عليهم الصّلاة والسّلام زيارة الله حقيقة، لا يوجد فيها مجاز، ولا تحتمل ذلك، لأن الرابطة بين الله ـ عزّ وجلّ ـ وبين الأئمّة الطّاهرين مبنيّة على أساس حقيقي ينعدم فيها المجاز، وقد عرفنا أنّ الزيارة هي الميل والتوجّه والرغبة والإعراض والعدول عن الغير.
وهل حبّ آل محمّد عليهم السّلام غير حبّ الله تعالى؟
وهل طاعتهم غير طاعته سبحانه؟
وهل عصيانهم والتمرّد على أوامرهم لا يعني عصيان الله تعالى والتمرّد عليه؟
وهل أن إتباعهم وإلتزامهم لا يؤديان إلى إتباع والتزام الله تعالى؟
كيف يكون ذلك والرواية التي أوردها الصّدوق صريحة: «زيارة الله تعالى زيارة أنبياءه وحُجَجِهِ، مَن زارهم فقد زار الله ـ عزّ وجلّ ـ »(1).
وهذه قضيّة واقعيّة وحقيقيّة ليس فيها مجاز، فطاعتهم طاعة الله وعصيانهم عصيانه، وهي عقيدة وقاعدة.
وخلاصة الكلام أن المراد من الزيارة هو التوجّه والميل، وهذا الميل ملازم للعدول والإعراض عن غير الله.
وعلى هذا الأساس، فزيارة النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله والأئمّة الأطهار، والميل إلى الإمام صاحب الزمان عليه الصّلاة والسّلام، هو ميل إلى الله تعالى حتماً وزيارة لله جزماً.
وعلى ما تقدّم، فإن معنى الزيارة لغويّاً، يتطابق مع معناها قرآنياً(2) وروائياً. وليس هناك تباين بين ما أراده الشارع المقدس من مفهوم الزيارة وتعلّق به غرضه من تشريعها، وما يعنيه المعنى اللّغوي.
(1) من لا يحضره الفقيه 2 / 93.
(2) للاطلاع، يراجع كتاب المفردات في غريب القرآن، مادّة «زَوَرَ».