سياسة الأئمّة ستتجلّى في عصر الظهور
ولكن الأمّة ـ مع الأسف الشديد ـ لم تسلّم الأمر بيد أهله، ولم تطع الأئمّة المعصومين عليهم السّلام، ليسوسوها عملاً بالملك والتربية والتعليم، فقد حال أعداء الإسلام والمسلمين دون ذلك، ولم يتسنّ لأهل البيت تطبيق مبادئ الحكومة الإسلامية والسياسة الشرعية الإلهية، ممّا سبّب حرمان البشرية من الرقّي والتقدّم والإزدهار من ناحية، وعدم تذوّقها طعم العدالة التي تمتاز بها السياسة الإسلاميّة التي كانت عند أئمّتنا من ناحية أخرى، ولولا عزل الأئمّة عن قيادة المجتمع لتبيّن للقاصي والداني المفهوم الحقيقي للسياسة، واستقرّت الحكومة الصّالحة لقيادة المجتمعات البشريّة.
لكن ذلك سيظهر في عصر الظّهور بقيادة الإمام صاحب العصر والزمان ـ أرواحنا له الفداء ـ وستتحقق أهداف حكومة الأئمّة ـ التي هي حكومة الإسلام كما أراد الله ـ على يديه.
وروايات الفريقين ناظرة إلى ذلك، في نقلها لتصريح الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله بقوله:
«يملأ الله به الأرض عدلاً وقسطاً بعدما مُلِئت ظلماً وجوراً»(1).
والناظر في معنى «العدل والقسط» في اللّغة العربية، يدرك مدى الدّور الذي سيضطلع به الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف، وكذلك ينبغي الالتفات إلى كلمة «الأرض» في كلام الرسول صلّى الله عليه وآله، فإن ذلك يوضّح أن نفوذ قيادة الإمام عليه السّلام لا يقتصر على بلاد المسلمين أو قطعة معيّنة من العالم أو على البشر خاصة، بل سيغمر كلّ الوجود، في حركة شموليّة تأتي أوّلاً على الظلم وتقلع جذور الفساد الذي غصَّ كوكبنا الأرضي وغاص في وحله نتيجة السياسات الباطلة الذي أوجدها أعداء أهل البيت عليهم السّلام، حتى أمست الدنيا مصداقاً لقوله تعالى:
(ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النّاسِ)(2).
ومن أراد الإطلاع على سياسة الإمام صاحب الزمان عجّل الله فرجه الشريف فيما بعد الظهور، فليراجع الروايات التي استوعبت هذا الموضوع في مصادرنا(3).
(1) الكافي 1 / 338، كمال الدين 1 / 256.
(2) سورة الروم، الآية: 41.
(3) بحار الأنوار: ج 52.