رجوع الحكّام إليهم في المعضلات
فعلى من أراد الإيمان والمعرفة والعلم والهداية والدخول في الجنة، أن يقتدي بأهل بيت رسول الله ويتّبعهم ويطيعهم في كلّ شيء، وهذا ما قد نجده في أقوال المخالفين لهم أيضاً، فقد روى ابن حجر المكي عن الدارقطني أنه جاء عمر أعرابيّان يختصمان، فقال لعلي:
إقض بينهما يا أبا الحسن.
فقضى علي بينهما.
فقال أحدهما للآخر: هذا يقضي بيننا؟
فوثب إليه عمر وأخذ بتلبيبه وقال:
ويحك، ما تدري من هذا؟
هذا مولاي ومولى كلّ مؤمن، ومن لم يكن مولاه فليس بمؤمن»(1).
وهكذا نجد في التاريخ رجوع غير واحد من الحكّام العباسيين إلى الأئمّة الطاهرين في حلّ المشكلات ورفع المعضلات.
ولذا، فقد اضطرّ بعض المتكلّمين من أهل السنّة ـ وهو الشيخ عبدالعزيز الدهلوي، صاحب كتاب التحفة الاثنى عشرية ـ إلى الإعتراف بإمامة الأئمّة وقيادتهم للاُمّة في عالم المعنى، فإنه ـ بعد أن وجد نفسه عاجزاً عن الجواب عن الأدلّة العلمية المتقنة والمستندة إلى الكتاب والسنّة والعقل، الدالّة على إمامة علي عليه السّلام بلا فصل، ووجد الحكّام الغاصبين يجهلون أبسط المسائل في الشرع المبين، ورأى رجوعهم مراراً إلى الأئمّة الطاهرين ـ قسّم الإمامة إلى قسمين، فزعم أنّ الإمامة الظاهرية ـ أي الحكومة ـ لاُولئك الذين غلبوا على الأمر وتصدّوا للرياسة بالزور والقهر. وأنّ الإمامة المعنوية لعليٍّ وأولاده المعصومين.
ولا يخفى أن هذا التقسيم وإنْ كان باطلاً من أصله، لأنّ الحكومة شأن من شئون الإمام الإلهي القائم مقام النبيّ، إلاّ أنه يتضمّن الاعتراف بحقيقة لا مناص لهم من الاعتراف بها، وهي قيادة الأئمّة للاُمّة في المعارف الحقّة والتعليم. وأمّا دعوى كون الإمامة الظاهرية والسّلطة للغاصبين، فلا دليل لهم عليها إلاّ أنهم يحاولون تبرير الأمر الواقع.
(1) الصواعق المحرقة: 107، الرياض النضرة: 2 / 224، ذخائر العقبى: 67.