حقائق القرآن عند الأئمّة
نعم، عندهم جميع الحقائق والأسرار القرآنيّة، هذا الكتاب الذي وصفه أمير المؤمنين عليه السّلام بقوله:
إن القرآن ظاهره أنيق وباطنه عميق. لا تفنى عجائبه ولا تنقضى غرائبه ولا تكشف الظلمات إلاّ به(1).
هذا الكتاب الذي ورد أنه:
على أربعة أشياء: على العبارة والإشارة واللطائف والحقائق(2).
ويدلّ على ذلك ما ورد بتفسير كثير من آياته الكريمة، ومن ذلك قوله تعالى:
(قُلْ كَفى بِاللّهِ شَهيدًا بَيْني وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ)(3).
ومن ذلك قوله تعالى:
(بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ في صُدُورِ الَّذينَ أُوتُوا الْعِلْمَ…)(4).
فعن أبي عبدالله عليه السّلام قال: «هم الأئمّة عليهم السّلام»(5).
ولذا قال أمير المؤمنين عليه السّلام ـ فيما رواه الخاصّة والعامّة ـ :
والله، ما نزلت آية إلاّ وقد علمت فيم أنزلت وأين اُنزلت»(6).
وقال:
سلوني عن كتاب الله، فإنه ليس آية إلاّ وقد عرفت أبليل نزلت أم بنهار، في سهل أو جبل»(7).
فأين علي عليه السّلام من اُولئك الذين جهلوا مفاهيم ألفاظ القرآن فضلاً عن حقائقه وأسراره، حتى أنهم لم يعلموا معنى قوله تعالى:
(وَفاكِهَةً وَأَبًّا)(8).
فقد روى الخاصّة والعامّة أن أبا بكر لمّا سئل عن معنى «الأب» في هذه الآية، قال:
أي سماء تظلّني أم أي أرض تقلّني، أم كيف أصنع إنْ قلت في كتاب الله بما لا أعلم؟ أمّا الفاكهة فنعرفها، وأما الأب، فالله أعلم به»(9).
وكيف يقاس هذا الجاهل بمفردة من مفردات القرآن، بمن قال على رؤوس الأشهاد: سلوني قبل أن تفقدوني(10).
(1) نهج البلاغة: 61.
(2) جامع الأخبار: 41، عوالي اللآلي 4 / 105، بحار الأنوار 75 / 278.
(3) سورة الرعد، الآية: 43.
(4) سورة العنكبوت، الآية: 49.
(5) الكافي 1 / 214.
(6) كشف الغمّة 1 / 116، كشف اليقين: 55، حلية الأولياء 1 / 61، أنساب الأشراف 1 / 99.
(7) الإستيعاب 3 / 1107.
(8) سورة عبس، الآية: 31.
(9) الدر المنثور 6 / 317.
(10) الإستيعاب 3 / 1107.