حفظ الدين و أهله
إنّ أهم الأُمور عند الأئمّة عليهم السّلام هو حفظ «الدين الإسلامي» و«الاُمة الإسلامية»، فهم يذودون عن الدين الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم كلّ أنواع التحريف والتلاعب وجميع الأهواء والبدع ويحفظون الاُمّة ويحمونهم من أذى الظالمين وإضلال الكفّار والمنافقين، هؤلاء الذين يطردهم أمير المؤمنين عليه السّلام عن الحوض ويمنعهم من الاختلاط بالمؤمنين في الآخرة، كما قال:
أنا أذود عن حوض رسول الله صلّى الله عليه وآله بيديّ هاتين القصيرتين الكفار والمنافقين، كما تذود السّقاة غريبة الإبل عن حياضهم(1).
ومن هذا الخبر وأمثاله يظهر: أنّ أئمّة أهل البيت عليهم السّلام هم الذادّة عن المؤمنين في دار الدنيا والحماة للدين وأهله من ضرر الكفار والمنافقين في هذا العالم، وأنّهم الميزان الحقيقي لأعمال الناس وعواقب أعمالهم في العالمين، وهذا ما توافرت عليه روايات المسلمين(2).
وعلى الجملة، فكما أنّ من يريد تربية زَهرة، يلزم عليه أن يهيّأ الظروف الملائمة لنموّها، بأنْ يطرد عن التربة ما فيه الضّرر عليها ويحميها من الحرّ والبرد… كذلك الأئمّة عليهم السّلام، فإنهم نصبوا لحفظ الدين ولتربية المؤمنين وهداية الناس، فهم الذين يذودون عن الدّين ويحمون الاُمّة ويصونونها من المفاسد الاعتقاديّة والأخلاقيّة.
إنّ التربية الصّالحة الكاملة تتحقّق بتكامل الإنسان في الأبعاد الثلاثة:
1 ـ البعد الفكري، بحمايته من الانحرافات العقائديّة.
2 ـ البعد العملي، بتعليمه الأحكام الإلهيّة العمليّة.
3 ـ البعد الأخلاقي، بتزكيته من الصّفات السيّئة.
إن الوصول بالإنسان إلى مرحلة الكمال هو الهدف من بعثة النّبي صلّى الله عليه وآله كما قال تعالى:
(لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤْمِنينَ إِذْ بَعَثَ فيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ…)(3).
وقد نصب الله الأئمّة من بعده لاستمرار تحقيق الغاية التي بُعث من أجلها… .
(1) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 9 / 135.
(2) أمالي الطوسي: 248، المسترشد في الإمامة: 265، المعجم الأوسط 5 / 225.
(3) سورة آل عمران، الآية: 164.